مسجد الكوفة
عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: – دخل أمير المؤمنين المسجد فاستقبله شاب يبكي وحوله قوم يسكتونه، فقال علي (عليه السلام) ما أبكاك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ شريحاً قضى عليّ بقضية ما أدري ما هي، إنّ هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر فرجعوا ولم يرجع أبي فسألتهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله، فقالوا: ما ترك مالاً، فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم، وقد علمت يا أمير المؤمنين إن أبي خرج ومعه مال كثير. فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): ارجعوا، فرجعوا والفتى معهم إلى شريح، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): يا شريح، كيف قضيت بين هؤلاء؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أدّعى هذا الفتى على هؤلاء النفر إنّهم خرجوا في سفر وأبوه معهم، فرجعوا ولم يرجع أبوه، فسألتهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله، فقالوا: ما خلّف مالاً، فقلت للفتى: هل لك بينة على ما تدّعي، فقال: لا، فاستحلفتهم. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هيهات يا شريح، هكذا تحكم في مثل هذا. فقال: يا أمير المؤمنين كيف؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): واللّه لأحكمنّ بينهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داوود النبي (عليه السلام). يا قنبر: ادع لي شرطة الخميس، فدعاهم، فوكل بكل رجل منهم رجلاً من الشرطة، ثم نظر إلى وجوههم فقال: – ماذا تقولون، تقولون إنّي لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى، إنّي اذاً لجاهل. ثم قال: فرّقوهم وغطوا رؤوسهم، قال: ففرق بينهم، وأُقيم كل رجل منهم الى اسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم، ثم دعا بعبد الله بن أبي رافع كاتبه، فقال: هات صحيفة ودواةً وجلس أمير المؤمنين (عليه السلام) في مجلس القضاء وجلس الناس إليه. فقال لهم: إذا أنا كبّرت فكبروا، ثم قال للناس: أُخرجوا، ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه، وكشف عن وجهه، ثم قال لعبد الله بن أبي رافع: أُكتب إقراره وما يقول، ثم أقبل عليه بالسؤال. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): في أيّ يوم خرجتم من منازلكم، وأبو هذا الفتى معكم؟ فقال الرجل: في يوم كذا وكذا. وقال: في أي شهر؟ قال: في شهر كذا وكذا. وقال: وفي منـزل من مات؟ قال: في منـزل فلان بن فلان. قال: وما كان مرضه؟ قال: كذا وكذا. قال: وكم يوماً مرض؟ قال: كذا وكذا. قال: ففي أيّ يوم مات؟ ومن غسله، ومن كفّنه، وبمَ كفنتموه، ومن صلى عليه، ومن نزل قبره؟ فلما سأله عن جميع ما يريد، كبّر أمير المؤمنين (عليه السلام) وكبّر الناس جميعاً، فارتاب أولئك الباقون، ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه، فأمر أن يغطى رأسه وينطلق به إلى السجن. ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه وقال: كلا زعمتم إني لا أعلم ما صنعتم، فقال: يا أمير المؤمنين: ما أنا إلاّ واحد من القوم، ولقد كنت كارهاً لقتله فأقر. ثم دعا لواحد بعد واحد كلهم يقر بالقتل، واخذ المال، ثم رد الذي أمر به إلى السجن، فاقر أيضاً فألزمهم المال والدم. فقال شريح: يا أمير المؤمنين، وكيف حكم داوود النبي. فقال: إنّ داوود النبي مرّ بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بـ (يا مات الدين) فيجيب منهم غلام، فدعاهم داوود (عليه السلام) فقال: يا غلام ما اسمك؟ فقال: مات الدين. فقال له داوود (عليه السلام): من سمّاك بهذا الاسم؟ قال: أُمي. فانطلق داوود إلى أُمه، فقال لها: – أيّتها المرأة: ما اسم ابنك هذا؟ قالت: مات الدين. فقال لها: ومن سمّاه بهذا؟ فقالت: أبوه. قال: وكيف كان ذاك؟ قالت: إنّ أباه خرج في سفر له ومعه قوم، وهذا الصبي حمل في بطني فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي، فسألتهم عنه، فقالوا: مات، فقلت لهم، فأين ما ترك؟ قالوا: لم يخلّف شيئاً، قلت: هل أوصاكم بوصية؟ قالوا: نعم، زعم إنّك حبلى، فما ولدت من ولد جارية أو غلام فسميه مات الدين، فسميته. قال داوود (عليه السلام): وتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك؟ قالت: نعم. قال: فأحياء أو أموات؟ قالت: بل أحياء. قال: فانطلقي بنا إليهم؟ ثم مضى معها فأستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم بعينه واثبت عليهم المال والدم، وقال للمرأة: سمي ابنك هذا: عاش الدين. ثم إنّ الفتى والقوم اختلفوا في مال الفتى، كم كان، فاخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) خاتمه وجميع خواتيم من عنده، ثم قال: أجيلوا هذه السهام فأيكم أخرج خاتمي فهو صادق في دعواه لأنه سهم اللّه وسهم اللّه لا يخيب .
باب الثعبان هذا الاسم الذي حاول بنو أمية ومن تلاهم تغييره ولم يستطيعوا و بقي رمزا لمسجد الكوفة ومنقبة من مناقب الإمام علي (عليه السلام) باب الثعبان ويستحب الدخول منها إلى مسجد الكوفة , وتقع قرب الزاوية الشمالية الغربية من المسجد وهو عكس القبلة والاسم الأصلي لها هو باب (الثعبان) وليس (باب الفيل ) كما هو متداول على السنة الناس , لما روي في البحار ومدينة المعاجز وغرر المناقب ,وسبب تسميته بباب الثعبان انه بينما كان أمير المؤمنين الأمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يخطب على منبره في مسجد الكوفة , إذ ظهر ثعبان من جانب المنبر وجعل يجر ويرقى حتى دنا من أمير المؤمنين (عليه السلام) , فارتاع الناس من ذلك وهمّوا أن يدفعوه عن الإمام (عليه السلام), فقام الثعبان ثم انحنى الإمام على الثعبان حتى التقم الثعبان إذنه , فتحيّّر الناس من ذلك , وهو يحدثه فسمع من كان قريبا كلام الثعبان ثم زال عن مكانه , وأمير المؤمنين (عليه السلام) جعل يحرّك شفتيه , والثعبان كالمصغي إليه , ثم سار الثعبان وخرج , وعاد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى خطبته وأتمها , فلما فرغ نزل من المنبر فاجتمع إليه الناس يسألونه عن حال الثعبان والأعجوبة فيه, فقال( عليه السلام) : ليس ذلك كما ظننتم , وإنما كان ذلك حاكما على الجن!! ,فالتبست عليه قضية وصعبت , فجاء ليستفهمها فاهمته إياها , فدعا لي بالخير وانصرف. وكان قد دخل الثعبان من الباب الكبير الذي يعتبر المدخل الرئيس للمسجد . فسمي بباب الثعبان واشتهر بذلك , ولما استحكم الأمر لبني أمية كرهوا ظهور هذه الفضيلة لأبي الحسن (عليه السلام) فربطوا في ذلك الباب فيلاً ورامو أن تنسى تلك الفضيلة , فعرف بباب الفيل في احد العصور التي كثر فيها أعداء آل البيت عليهم السلام. وهو الآن يعرف بباب الثعبان وتوالت عليه حملات الأعمار التي لاحت المسجد خلال الفترات السابقة ويعد الآن هذا الباب ركن من الأركان التاريخية المرتبطة بتأسيس المسجد وبفترة خلافة الإمام علي (عليه السلام) في مسجد الكوفة
وردت ايات قرانية كثيرة في فضل مسجد الكوفة مع ايضاح علماء التفسير لها وسنذكر بعضا قليلا منها : (( ربي اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً )) عن ابي سعد الخراساني قال : قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام : ايهما افضل زيارة قبر امير المؤمنين عليه السلام أو زيارة قبر الحسين عليه السلام الى ان قال: قال لي : اين تسكن ؟ قلت الكوفة ، قال : فان مسجد الكوفة بيت نوح لو دخله الرجل مائة مرة لكتب الله له مائة مغفرة لان فيه دعوة نوح حيث قال : (ربي اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً ) قال: قلت من عنى بوالديه ؟ قال : ادم وحواء . (بحار الانوار / فرحة الغري / وسائل الشيعة) ((وآويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين)) عن ابي سعيد الاسكافي عن ابي جعفر قال : قال قال امير المؤمنين عليه السلام : (وآويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين) قال : الربوة : الكوفة ، والقرار : المسجد ، والمعين : الفرات . (وسائل الشيعة / بحار الانوار) (( والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين)) عن موسى بن بكر عن ابي الحسن موسى ابن جعفر عليه السلام عن ابيه عن ابائه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : ان الله اختار من البلدان اربعة ، فقال عز وجل : (التين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الامين) فالتين : المدينة ، والزيتون : بيت المقدس ، وطور سنين : الكوفة ، وهذا البلد الامين : مكة . (بحار الانوار / وسائل الشيعة) عن ابي الحسن الاول عليه السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه واله): ان الله اختار من البلدان اربعة فقال عز وجل ( التين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الامين ) فالتين : المدينة ، والزيتون : بيت المقدس ، وطور سنين : الكوفة ، وهذا البلد الامين : مكة. (الخصال للصدوق / معاني الاخبار / بحار الانوار)
▫️▪️بيت الطشت▪️▫️ بيت الطّشت أو الطّست: هو المكان الذي برزت منه معجزة لأمير المؤمنين عليه السلام في بنت عزباء كانت قد غاصت في ماء فيه العلق، فوَلجت في جوفها عَلَقَة، فَنَمَت وكبُرت ممّا امتصّته من الدّم، فكبر بطن البنت فحسبها أخوتها حبلى، فراموا قتلها، فأتوا أمير المؤمنين عليه السلام ليحكم بينهم، فأمر بستار فضُرب في جانِب من المسجد وجُعلت البنت خلفه، وأمر بقابلة الكوفة ففحصتها، وقالت: إنّها حبلى تحمل جنيناً في جوفها، فأمر عليه السلام بطست من الحمَأة [الطين الأسود الذي أصابته العفونة]، فأُجلست البنتُ عليه، فأحسّت العَلقة بذفر الحمأة فانسلّت من جوفها نحو الطّست، فظهرت بذلك براءة الفتاة.
مسلم ابن عقيل ابن أبي طالب وعقيل هو أخ الإمام علي (ع) وأمه السيدة علية وقد ولد في المدينة المنورة. عُرف مسلم ابن عقيل بكونه سفير الإمام الحسين (ع) ورسوله إلى أهل الكوفة حيث استشهد هناك أيضاً
هانئ ابن عروة كان من وجوه شيعة أهل البيت (ع) في الكوفة في عهد الإمام الحسين (ع) كما أنه كان سيد قومه. وكان من أوائل الذين دعوا الإمام الحسين (ع) للقدوم إلى الكوفة ولكنه بعكس أغلب الباقين فإنه بقي مخلصاً لإمامه الحسين (ع) لآخر لحظة في حياته بعد أن آوى في بيته مسلم ابن عقيل رضوان الله عليه رسول الإمام الحسين (ع) إلى الكوفة
المختار الثقفي: ولد المختار الثقفي في عام الهجرة في الطائف وأبوه أبو عبيد الثقفي أحد شهداء الإسلام وأمه السيدة دومة بنت وهب. كان المختار من الموالين لأهل البيت (ع) وممن كان على نهجهم ونشر فكرهم وكان لا يخفي تشيعه لهم. وهكذا فإنه ناصر الإمام علي (ع) في أيام حياته. أما في عهد الإمام الحسين (ع) فإنه كان ممن أعلن ولاءه له وكان ممن استضاف مسلم ابن عقيل لما قدم إلى الكوفة سفيراً للإمام الحسين (ع) إلى أهلها. وهكذا بايع المختار ومعه الكثير من أهل الكوفة الإمام الحسين (ع) بين يدي مسلم ابن عقيل على نصرة أهل الكوفة مع الإمام الحسين (ع) ضد ظلم يزيد ابن معاوية وتجبره. وصار بيت المختار الثقفي مركزاً لحركة مسلم ابن عقيل