الحافظ: ما كنت أظن أن تفتري على كبار الصحابة إلى هذا الحد وتنسبهم إلى الفرار! وهم المجاهدون في سبيل الله وخاصة الشيخان (رض) فإنهما ثبتا ودافعا عن النبي (ص) إلى آخر لحظة حتى انتهت المعركة.

قلت: إني لست بمفتر، ولكنكم ما قرأتم تاريخ الإسلام، وليس لكم فيه تحقيق وإلمام، حتى نطقتم بهذا الكلام!

لقد ذكر المؤرخون وأصحاب السير: أن المسلمين انهزموا في غزوة أحد وخيبر وحنين، أما خبر خيبر فقد ذكرته لكم عن صحيح البخاري ومسلم وغيرهما (28).

وأما الخبر عن غزوة حنين وفرار المسلمين فيها، فراجع الجمع بين الصحيحين للحميدي والسيرة الحلبية: 3/123.

وأما فرارهم في غزوة أحد، فحدث ولا حرج! فقد ذكره عامة المؤرخين، منهم: ابن أبي الحديد عن شيخه أبي جعفر الإسكافي في شرح النهج 13/ 278 ط دار إحياء التراث العربي، قال: فر المسلمون بأجمعهم ولم يبق معه[ النبي (ص)] إلا أربعة: علي والزبير وطلحة وأبو دجانة (29).

وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج 14: 251، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة: 34، وغيرهما من الأعلام، قالوا: وسمع ذلك اليوم صوت من قبل السماء، لا يرى شخص الصارخ به، ينادي مرارا: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي!

فسئل رسول الله(ص) عنه، فقال: هذا جبرائيل ـ والنص لابن أبي الحديد ـ.

فكان علي(ع) في كل الحروب التي خاضها مؤيدا من عند الله ومنصورا بالملائك.

روى محمد بن يوسف الكنجي القرشي في كتابه " كفاية الطالب " في الباب السابع والعشرين، بإسناده عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله(ص): ما بعث علي في سرية إلا رأيت جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره والسحابة تظله حتى يرزقه الله الظفر.

وروى الإمام الحافظ النسائي في كتابه خصائص الإمام علي(ع)، ص8 ط مطبعة التقدم بالقاهرة، بسنده عن هبيرة بن هديم، قال: جمع الناس الحسن بن علي(ع) وعليه عمامة سوداء لما قتل أبوه، فقال: قد كان قتلتم بالأمس رجلا ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، وإن رسول الله(ص) قال: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ويقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ثم لا ترد رايته حتى يفتح الله عليه.... إلى آخره.

نعم، كان النصر معقودا براية الإمام علي(ع) وسيفه، وكان الظفر ينزل على المسلمين في كل ميدان ينزل فيه علي(ع)، حتى قال النبي (ص): ما قام الدين وما استقام إلا بسيف علي عليه السلام.

علي حبيب الله ورسوله(ص)

رابعا: الآية الكريمة في سورة المائدة، تصرح أن المقصودين هم الموصوفون فيها، يحبهم الله ويحبونه.. وهذه فضيلة ثابتة للإمام أمير المؤمنين (ع ) ولم تثبت في حق غيره، وإن كان كثير من المؤمنين والصحابة هم أيضا يحبهم الله ويحبونه ولكن غير معنيين، أما علي (ع) فهو معني بهذه الفضيلة كما قال ذلك كثير من الأعلام، منهم:

العلامة الكنجي الشافعي في الباب السابع من كتابه " كفاية الطالب " روى بإسناده عن ابن عباس، أنه قال: كنت أنا وأبي ـ العباس جالسين عند رسول الله(ص) إذ دخل علي بن أبي طالب، وسلم، فرد عليه رسول الله(ص) وبش وقام إليه واعتنقه، وقبل ما بين عينيه، وأجلسه عن يمينه؛ فقال العباس: أتحب هذا يا رسول الله؟ فقال رسول الله(ص): يا عم رسول الله! والله، الله أشد حبا له مني.

وروى في الباب الثالث والثلاثين؛ بإسناده عن أنس بن مالك، قال: اهدي إلى رسول الله(ص) طائر وكان يعجبه أكله، فقال: اللهم ائتني بأحب الخلق إليك يأكل معي من هذا الطائر.

فجاء علي بن أبي طالب.

فقال: استأذن على رسول الله.

قال: قلت: ما عليه إذن.

وكنت أحب أن يكون رجلا من الأنصار.

فذهب ثم رجع فقال: استأذن لي عليه.

فسمع النبي(ص) كلامه، فقال: أدخل يا علي؛ ثم قال(ص): اللهم وإلي، اللهم وإلي ـ أي هو أحب الخلق إلي أيضا ـ.

وذكرنا لكم في المجالس الماضية مصادر هذا الخبر الذي تلقاه العلماء كلهم بالصحة والقبول، وهو دليل قاطع، وبرهان ساطع، على أن عليا(ع) أحب الخلق إلى الله سبحانه وتعالى وإلى رسوله(ص).

إعطاؤه الراية يوم خيبر

ومن أهم الدلائل على أن عليا(ع) هو المقصود بالآية الكريمة (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه....) حديث الراية لفتح خيبر، وقد نقله كبار علمائكم، ومشاهير أعلامكم، منهم:

البخاري في صحيحه ج 2 كتاب الجهاد، باب دعاء النبي (ص)، و ج3 كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، ومسلم في صحيحه 2/324، والإمام النسائي في ( خصائص أمير الؤمنين(ع)، والترمذي في السنن، وابن حجر العسقلاني في الإصابة 2/508، وابن عساكر في تاريخه، وأحمد بن حنبل في مسنده، وابن ماجة في السنن، والشيخ الحافظ سليمان في " ينابيع المودة " الباب السادس، وسبط ابن الجوزي في التذكرة، ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي، في " كفاية الطالب " الباب الرابع عشر، ومحمد بن طلحة في " مطالب السؤول " الفصل الخامس، والحافظ أبو نعيم في " حلية الأولياء " والطبراني في الأوسط، والراغب الإصفهاني في محاضرات الأدباء2/212.

ولا أظن أن أحدا من المؤرخين أهمل الموضوع أو أحدا من المحدثين أنكره، حتى إن الحاكم ـ بعد نقله له ـ يقول: هذا حديث دخل في حد التواتر؛ والطبراني يقول: فتح علي(ع) لخيبر ثبت بالتواتر.

وخلاصة ما نقله الجمهور، أن رسول الله(ص) حاصر مع المسلمين قلاع اليهود ومنها قلعة خيبر، عدة أيام، فبعث النبي(ص) أبا بكر مع الجيش وناوله الراية وأمره أن يفتح، ولكنه رجع منكسرا عاجزا عن الفتح، فأخذ النبي(ص) الراية وأعطاها لعمر بن الخطاب وأرسله مع الجيش ليفتح خيبر، ولكنه رجع منهزما يجبن المسلمين وهم يجبنونه.

فلما رأى النبي(ص) خور أصحابه وتخاذلهم وانهزامهم أمام ثلة من اليهود، غضب منهم وأخذ الراية فقال: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرارا، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه.

ـ ولا يخفى تعريض النبي(ص) في كلامه بالفارين ـ.

فبات المسلمون ليلتهم يفكرون في كلام رسول الله(ص)، ومن يكون مقصوده ومراده؟!

فلما أصبح الصباح اجتمعوا حول النبي(ص) والراية بيده المباركة ، فتطاولت أعناق القوم طمعا منهم بها أو ظنا بأنه سيناولهم الراية، لكن النبي(ص) أجال بصره في الناس حوله وافتقد أخاه ومراده علي بن أبي طالب(ع) فقال: أين ابن عمي علي؟

فارتفعت الأصوات من كل جانب: أنه أرمد يا رسول الله!

فقال(ص): علي به.

فجاؤا بالإمام علي(ع) وهو لا يبصر موضع قدمه، فسلم ورد النبي عليه وسأله: ما تشتكي يا علي؟ فقال(ع): صداع في رأسي، ورمد في عيني.

فأخذ النبي(ص) شيئا من ريقه المبارك ومسح به على جبين الإمام علي(ع) وقال: اللهم قه الحر والبرد؛ ودعا له بالشفاء، فارتد بصيرا.

وإلى هذه المنقبة يشير حسان في شعره فيقول:

وكان علي أرمد العين يبتغي دواء فلما لم يحس مداويا
شفاه رسول الله منه بتفلة فبورك مرقيا وبورك راقيا
وقال سأعطي الراية اليوم فارسا كميا شجاعا في الحروب محاميا
يحب الإله والإله يحبه به يفتح الله الحصون الأوابيا
فخص بها دون البرية كـلها عليا وسماه الوصي المؤاخيا
فأعطى النبي (ص) الراية لعلي (ع) وقال: خذ الراية! جبرائيل عن يمينك، وميكائيل عن يسارك، والنصر أمامك، والرعب مبثوث في قلوب القوم، فإذا وصلت إليهم فعرف نفسك وقل: أنا علي بن أبي طالب، فإنهم قرأوا في صحفهم أن الذي يدمر عليهم الحصون ويفتحها اسمه إيليا، وهو أنت يا علي!

فأخذ علي(ع) الراية وهرول بها نحو القلاع حتى وصل إلى باب خيبر وهو أهم تلك الحصون والقلاع، فطلب المبارز، فخرج إليه مرحب مع جماعة من أبطال اليهود، فهزمهم علي(ع) مرتين، وفي المرة الثالثة لما برزوا وحمل عليهم علي(ع) ضرب بالسيف على رأس مرحب فوصل إلى أضراس مرحب وسقط على الأرض صريعا، وسجل النصر للمسلمين(30).

ونقل ابن الصباغ في " الفصول المهمة " عن صحيح مسلم، وكذلك روى الإمام النسائي في خصائص الإمام علي: 7ط مطبعة التقدم بالقاهرة، قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ...الخ.

وأخرج السيوطي في " تاريخ الخلفاء " وابن حجر في " الصواعق " والديلمي في " فردوس الأخبار " بإسنـادهم عن عمر بن الخطاب أنه قال: لقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من أن أعطى حمر النعم، فسئل: ما هي؟

قال: تزويجه فاطمة بنت رسول الله (ص)، وسكناه المسجد مع رسول الله (ص) يحل له فيه ما يحل له، وإعطاؤه الراية يوم خيبر(31).

فالخبر ثابت لا ينكره إلا المعاندون الجاهلون الذين ليس لهم اطلاع على تاريخ الإسلام وغزوات رسول الله (ص). والآن فقد ثبت للحاضرين، وخاصة العلماء والمشايخ، بأني لا أتكلم من غير دليل، ولم أقصد إهانة الصحابة، بل مقصدي بيان الواقع وكشف الحقائق، التي منها الاستدلال بالتاريخ والحديث والعقل والنقل، بأن جملة (أشداء على الكفار) في الآية الكريمة تنطبق على الإمام علي عليه السلام قبل أن تنطبق على غيره كائنا من كان.

وهذا لم يكن قولي أنا فحسب، بل كثير من أعلامكم صرحوا به، منهم العلامة الكنجي في " كفاية الطالب " في الباب الثالث والعشرين، فإنه يروي حديثا عن النبي (ص) يشبه فيه عليا عليه السلام بالأنبياء، وفي تشبيهه بنوح (ع) يقول العلامة الكنجي: وشبه بنوح لأن عليا عليه السلام كان شديدا على الكافرين، رؤوفا بالمؤمنين كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله (... والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم....)(32).

وأخبر الله عز وجل عن شدة نوح على الكافرين بقوله: (.... رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا)(33) انتهى.

فعلي(ع) هو المصداق الأجلى والأظهر لجملة( أشداء على الكفار)(34).

وأما قولكم بأن جملة ( رحماء بينهم) تنطبق على عثمان بن عفان وهي إشارة إلى مقام الخلافة في المرتبة الثالثة، وأن عثمان كان رقيق القلب، بالمؤمنين رؤوفا رحيما..

فنحن لا نرى ذلك من صفات عثمان، بل التاريخ يحدثنا على عكس ذلك ، وأرجو أن لا تسألوني توضيح الموضوع أكثر من هذا، لأني أخاف أن تحملوا حديثي على الإساءة والإهانة بمقام الخليفة الثالث ولا أحب أن أزعجكم.

الحافظ: نحن لا نضجر إذا لم يكن حديثك فحشا، وكان مدعما بالدليل ومطابقا للواقع مع ذكر الإسناد والمصادر.

قلت: أولا: إني ما كنت ولم أكن فحاشا، بل سمعت الفحش وأجبت بالمنطق والبرهان!

ثانيا: هناك أدلة كثيرة على خلاف ما ذهبتم في شأن عثمان، فإن جملة (رحماء بينهم) لا تنطبق عليه أبدا، ولإثبات قولي أشير إلى بعض الدلائل، وأترك التحكيم والقضاء للحاضرين الأعزاء.

سيرة عثمان على خلاف الشيخين

لقد أجمع المؤرخون والأعلام، مثل: ابن خلدون، وابن خلكان، وابن أعثم الكوفي، وأصحاب الصحاح كلهم، والمسعودي في مروج الذهب 1/435، وابن أبي الحديد في شرح النهج، والطبري في تاريخه، وغيرهم من علمائكم، قالوا: إن عثمان بن عفان حينما ولي الخلافة سار على خلاف سنة الرسول(ص) وسيرة الشيخين، ونقض العهد الذي عاهده عليه عبد الرحمن بن عوف في مجلس الشورى حين بايعه على كتاب الله وسنة الرسول(ص) وسيرة الشيخين، وأن لا يسلط بني أمية على رقاب المسلمين.

ولكن حينما استتب له الأمر خالف العهد، وتعلمون بأن نقض العهد من كبائر الذنوب، والقرآن الحكيم يصرح بذلك.

قال تعالى: (.... وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا)(35).

وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)(36).

الحافظ: نحن لا نعلم لذي النورين خلافا، وإنما هذا قولكم ومن مزاعم الشيعة ولا دليل عليه!

قلت: راجعوا شرح النهج ـ لابن أبي الحديد ـ 1/198 ط دار إحياء التراث العربي، فإنه قال: وثالث القوم هو عثمان بن عفان.... بايعه الناس بعد انقضاء الشورى واستقرار الأمر له، وصحت فيه فراسة عمر، فإنه أوطأ بني أمية رقاب الناس، وولاهم الولايات، وأقطعهم القطائع، وافتتحت أفريقية في أيامه فأخذ الخمس كله فوهبه لمروان.

وأعطى عبدالله بن خالد أربعمائة ألف درهم.

وأعاد الحكم بن أبي العاص إلى المدينة، بعد أن كان رسول الله( ص) قد سيره ـ أي: نفاه من المدينة ـ ثم لم يرده أبو بكر ولا عمر! وأعطاه مائة ألف درهم.

وتصدق رسول الله (ص) بموضع سوق بالمدينة ـ يعرف بمهزوز ـ على المسلمين، فأقطعه عثمان الحارث بن الحكم أخا مروان.

وأقطع مروان فدك، وقد كانت فاطمة بنت رسول الله(ص) طلبتها بعد وفاة أبيها(ص) تارة بالميراث، وتارة بالنحل، فدفعت عنها.

وحمى المراعي حول المدينة كلها من مواشي المسلمين كلهم إلا عن بني أمية.

وأعطى عبدالله بن أبي السرح جميع ما أفاء الله عليه من فتح أفريقية بالمغرب، وهي من طرابلس الغرب إلى طنجة، من غير أن يشركه فيه أحد من المسلمين.

وأعطى أبا سفيان بن حرب*(37) مائتي ألف من بيت المال ، في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال، وقد كان زوجه ابنته أم أبان. فجاء زيد بن أرقم صاحب بيت المال بالمفاتيح، فوضعها بين يدي عثمان وبكى وقال:... والله لو أعطيت مروان مائة درهم لكان كثيرا!

فقال: ألق المفاتيح يابن أرقم، فإنا سنجد غيرك!

وأتاه أبو موسى بأموال من العراق جليلة، فقسمها كلها في بني أمية.

وأنكح الحارث بن الحكم ـ أخا مروان ـ ابنته عائشة، فأعطاه مائة ألف من بيت المال، بعد طرده زيد بن أرقم عن خزانته.

وانضم إلى هذه الأمور، أمور أخرى نقمها عليه المسلمون، كتسيير أبي ذر رحمه الله تعالى إلى الربذة، وضرب عبدالله بن مسعود حتى كسر أضلاعه، وما أظهر من الحجاب، والعدول عن طريقة عمر في إقامة الحدود ورد المظالم وكف الأيدي العادية والانتصاب لسياسة الرعية!

وختم ذلك ما وجدوه من كتابه إلى معاوية يأمره فيه بقتل قوم من المسلمين.... إلى آخره.

هذا كلام ابن أبي الحديد في عثمان بن عفان.

وذكر المسعودي في مروج الذهب 2/ 341 ـ 343:

فقد بلغت ثروة الزبير خمسين ألف دينار وألف فرس وألف عبد وضياعا وخططا في البصرة والكوفة ومصر والإسكندرية، وكانت غلة طلحة بن عبيدالله(38) من العراق كل يوم ألف دينار، وقيل أكثر.

وكان على مربط عبد الرحمن بن عوف مائة فرس، وله ألف بعير، وعشرة آلاف شاه، وبلغ ربع ثمن ماله بعد وفاته أربعة وثمانين ألفا.

وحين مات زيد بن ثابت خلف من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس غير ما خلف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار.

ومات يعلي بن منية وخلف خمسمائة ألف دينار وديونا وعقارات وغير ذلك ما قيمته ثلاثمائة ألف دينار.

أما عثمان نفسه... فكان له يوم قتل عند خازنه مائة وخمسون ألف دينار وألف ألف[أي: مليون] درهم، وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين وغيرهما مائة ألف دينار، وخلف خيلا كثيرا وإبلا.

ثم قال المسعودي بعد ذلك: وهذا باب يتسع ذكره، ويكثر وصفه فيمن تملك الأموال في أيامه.

انتهى كلام المسعودي.

هكذا كان عثمان وحاشيته يتسابقون في كنز الذهب والفضة، وجمع الخيل والإبل والمواشي، وامتلاك الأراضي والعقار، في حين كان كثير من المسلمين المؤمنين لا يملكون ما يسدون به جوعهم ويكسون به أجسامهم.

أكان هذا السلوك يليق بمن يدعي خلافة رسول الله(ص) وهل كان النبي(ص) كذلك؟!

كلا وحاشا، ولاشك أن عثمان خالف طريقة أبي بكر وناقض سيرة عمر أيضا، وكان هو قد عاهد على أن يسلك سبيلهما.

ذكر المسعودي في مروج الذهب، ج1، في ذكره سيرة عثمان وأخباره ، فقال بالمناسبة: إن الخليفة عمر مع ولده عبدالله ذهبا إلى حج بيت الله الحرام، فلما رجع إلى المدينة كان ما صرفه في سفره ستة عشر دينارا، فقال لابنه: ولدي لقد أسرفنا في سفرنا هذا.

فقايسوا بين تبذير عثمان لأموال المسلمين وكلام عمر بن الخطاب، وشاهدوا كم الفرق بينهما؟!

توليته بني أمية

إن عثمان مكن فساق بني أمية وفجارهم من بلاد المسلمين، وسلطهم على رقاب المؤمنين وأموالهم(39)، فاتخذوا أموال الله دولا، وعباده خولا ، وسعوا في الأرض فسادا، منهم: عمه الحكم بن أبي العاص وابنه مروان، وهما ـ كما نجد في التاريخ ـ طريدا رسول الله (ص) وقد لعنهما ونفاهما من المدينة إلى الطائف.

الحافظ: ما هو دليلكم على نفي هذين بالخصوص؟

قلت: دليلنا على لعنهما من جهتين، جهة عامة، وجهة خاصة.

أما الجهة العامة: فهما غصنان من الشجرة الملعونة في القرآن، بقوله تعالى: (.... وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن...)(40).

وقد فسرها أعلام المفسرين وكبار المحدثين، ببني أمية، منهم: الطبري والقرطبي والنيسابوري والسيوطي والشوكاني والآلوسي، وابن أبي حاتم والخطيب البغدادي وابن مردويه والحاكم المقريزي والبيهقي وغيرهم، فقد رووا في تفسير الآية الكريمة عن ابن عباس أنه قال الشجرة الملعونة في القرآن هم بنو أمية، فإن رسول الله (ص) رأى فيما يراه النائم أن عددا من القردة تنزو على منبره وتدخل محرابه، فلما استيقظ من نومه نزل عليه جبرئيل وأخبره: أن القردة التي رأيتها في رؤياك إنما هي بنو أمية، وهم يغصبون الخلافة والمحراب والمنبر طيلة(41).

وأما الفخر الرازي فيروي في تفسيره عن ابن عباس: أن رسول الله (ص) كان يسمي من بني أمية الحكم بن أبي العاص ويخصه باللعن.

وأما الجهة الخاصة في لعنهما، فالروايات من الفريقين كثيرة:

أما روايات الشيعة فلا أذكرها، وأكتفي بذكر ما نقله كبار علمائكم ومحدثيكم، منهم: الحاكم النيسابوري في المستدرك 4/487، وابن حجر الهيتمي المكي في " الصواعق " قال: وصححه الحاكم، قال رسول الله (ص): إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلا وتشريدا، وإن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم.

قال: ومروان بن الحكم كان طفلا، قال له النبي (ص): وهو الوزغ بن الوزغ، والملعون بن الملعون.

وأما الفخر الرازي فيروي في تفسيره عن ابن عباس: أن رسول الله (ص) كان يسمي من بني أمية الحكم بن ابي العاص ويخصه باللعن.

وأما الجهة الخاصة في لعنهما، فالروايات من الفريقين كثيرة:

أما روايات الشيعة فلا أذكرها، وأكتفي بذكر ما نقله كبار علمائكم ومحدثيكم، منهم: الحاكم النيسابوري في المستدرك 4/487، وابن حجر الهيتمي المكي في " الصواعق " قال: وصححه الحاكم، قال رسول الله (ص): إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلا وتشريدا، وإن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم.

قال: ومروان بن الحكم كان طفلا، قال له النبي (ص): وهو الوزغ بن الوزغ، والملعون بن الملعون.

وروى ابن حجر أيضا، والحلبي في السيرة الحلبية 1/337، والبلاذري في أنساب الأشراف 5/126، والحافظ سليمان الحنفي في " ينابيع المودة " والحاكم في المستدرك 4/481، والدميري في حياة الحيوان 2/299، وابن عساكر في تاريخه، ومحب الدين الطبري في " ذخائر العقبى " وغير هؤلاء، كلهم رووا عن عمر بن مرة الجهني: أن الحكم بن أبي العاص استأذن على النبي (ص) فعرف صوته، فقال: ائذنوا له، عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه، إلا المؤمن منهم وقليل ما هم.

ونقل الإمام الفخر الرازي في تفسيره الكبير، في ذيل الآية: (والشجرة الملعونة) أن عائشة كانت تقول لمروان: لعن الله أباك وأنت في صلبه. فأنت بعض من لعنه الله!

والمسعودي في مروج الذهب 1/435 يقول: مروان بن الحكم طريد رسول الله (ص) الذي أخرجه النبي (ص) ونفاه من المدينة.

إن أبا بكر وعمر لم يأذنا له بالرجوع إلى المدينة، ولكن عثمان خالف النبي والشيخين، فأجاز مروان بالإقامة في المدينة، وزوجه ابنته أم أبان، ومنحه الأموال، وفسح له المجال حتى أصبح صاحب الكلمة النافذة في الدولة(42).

وقال ابن أبي الحديد ـ نقلا عن بعض أعلام عصره ـ عن عثمان سلم عنانه إلى مروان يصرفه كيف شاء، الخلافة له في المعنى ولعثمان في الاسم.

النواب: من كان الحكم بن أبي العاص؟ ولماذا لعنه النبي (ص) ونفاه من المدينة؟

قلت: هو عم الخليفة عثمان، وقد ذكر الطبري وابن الأثير في التاريخ والبلاذري في أنساب الأشراف 5/17: ان الحكم بن أبي العاص كان في الجاهلية جارا لرسول الله (ص) وكان كثيرا ما يؤذي النبي (ص) في مكة، ثم جاء إلى المدينة بعد عام الفتح، وأسلم في الظاهر، ولكنه كان يسعى لأن يحقر النبي (ص) ويحاول أن يحط من شأنه بين الناس. وكان يمشي خلف النبي (ص) ويبدي من نفسه حركات وإشارات يستهزئ بها برسول الله (ص) ويجرئ على السخرية منه (ص).

فدعا عليه رسول الله (ص) أن يبقى على الحالة التي كان عليها، فبقي على حالة غريبة تشبه الجنون، وصار الناس يستهزئون به ويسخرون منه.

فذهب يوما إلى بيت النبي (ص)، ولا أعلم ما صدر منه، إلا أن النبي (ص) خرج وقال: لا يشفع أحدكم للحكم!

ثم أمر (ص) بنفيه مع أولاده وعياله، فأخرجه المسلمون من المدينة، فأقام في الطائف.

ولما ولي أبو بكر الخلافة شفع له عثمان عند الخليفة ليأذن له بالرجوع إلى المدينة، ولكنه رفض، وبعده شفع له عثمان عند عمر، فرفض، وقتلا: هو طريد رسول الله (ص) فلا نعيده ولا نأذن له أن يقيم في المدينة.

فلما أمر إليه وأصبح هو الخليفة بعد عمر، أعاد الحكم مع أولاده إلى المدينة وأحسن إليهم كثيرا ولم يعبأ بمخالفة الصحابة واعتراض المؤمنين، بل منحهم أموال بيت المال، ونصب مروان بن الحكم وزيرا واتخذه مشيرا، فجمع حوله أشرار بني أمية وأسند إليهم الأمور والولايات.

فجور واليه في الكوفة

فولى على الكوفة الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وهو أخو عثمان لأمه، وأسمها أروى، وقد صرح النبي (ص) أنه من أهل النار! كما في رواية المسعودي في مروج الذهب، ج1، في أخبار عثمان، وكان فاسقا متجاهرا بالشرور، ومتظاهرا بالفجور:

وذكر أبو الفداء في تاريخه، والمسعودي في مروج الذهب وأبو الفرج في الأغاني 4/178، والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 104، الإمام أحمد في المسند 1/144، والطبري في تاريخه 5/60، والبيهقي في سننه 8/318، وابن الأثير في أسد الغابة 5/91، وابن أبي الحديد في شرح النهج 3/18 ط. دار احياء التراث العربي.

هؤلاء وغيرهم من أعلام السنة ذكروا: أن الوليد بن عقبة ـ والي الكوفة من قبل عثمان ـ شرب الخمر ودخل المحراب سكرانا وصلى الصبح بالناس أربع ركعات وقال لهم: إن شئتم أزيدكم!!

وبعضهم ذكر بأنه تقيأ في المحراب، فشم الناس منه رائحة الخمر، فأخرجوا من إصبعه خاتمه ولم يشعر بذلك، فشكوه إلى عثمان، فهدد الشهود وأبى أن يجري الحد عليه، فضغط عليه الإمام علي (ع) والزبير وعائشة وغيرهم من الصحابة، حتى اضطر إلى ذلك، فعزله وأرسل سعيد بن العاص مكانه، وهو لا يقل عن ذاك في الخمر والمجون والفسق والفجور.

وولى على البصرة ابن خاله عبد الله بن عامر وعمره خمس وعشرون سنة، وكان معاوية عاملا لعمر على دمشق والأردن، فضم إليه عثمان ولاية حمص وفلسطين والجزيرة (43).

هؤلاء وأمثالهم ما كانوا من ذوي السابقة في الدين والجهاد في الإسلام، وإنما كانوا متهمين في دينهم، بل كان فيهم مثل الوليد بن عقبة الذي أعلن القرآن فسقه كما يحدثنا المفسرون في ذيل الآية الكريمة: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون)(44).

فالمؤمن علي (ع) والفاسق الوليد.

وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)(45)، وقال المفسرون في شأن نزولها : إن الوليد كذب على بني المصطلق عند رسول الله (ص) وادعى أنهم منعوه الصدقة، ولو قصصنا مخازيه ومساوئه لطال بها الشرح.

وكان المسلمون ـ أعيانهم وعامتهم ـ يراجعون عثمان في شأن هؤلاء الولاة من أقاربه ويطلبون منه عزلهم فلا يعزلهم، ولا يسمع فيهم شكاية كارها، وربما ضرب الشاكين وأخرجهم من المجلس بعنف!

أسباب الثورة على عثمان

إن من أهم أسباب الثورة على عثمان، سيرته المخالفة لسير النبي (ص) وسيرة الشيخين، فلو كان يسعى ليغير سيرته الخاطئة ويصلح الأمور ويعمل بنصيحة الناصحين، أمثال الامام علي (ع) وابن عباس، لكان الناس يهدؤون والمياه ترجع إلى مجاريها الطبيعية (46)، ولكنه اغتر بكلام حاشيته وحزبه من بني أمية حتى قتل، وقد كان عمر بن الخطاب تنبأ بذلك، لأنه عثمان مدة طويلة، وعرف أخلاقه وسلوكه كما يقول ابن أبي الحديد في شرح النهج 1/186 ط. دار احياء التراث العربي قال:

في قصة الشورى... فقال عمر: أفلا أخبركم عن أنفسكم؟!..

ثم أقبل على علي (ع) فقال: لله أنت! لولا دعابة فيك! أما والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح، والمحجة البيضاء.

ثم أقبل على عثمان، فقال: هيها إليك! كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبها إياك، فحملت بني أمية وبني أبي معيط على رقاب الناس، وآثرتهم بالفيء، فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحا.... إلى آخره.

وقال في ج2/129: وأصح ما ذكر في ذلك ما أورده الطبري في تاريخه ، حوادث سنة 33 ـ 35، وخلاصة ذلك: أن عثمان أحدث أحداثا مشهورة نقمها الناس عليه ، من تأمير بني أمية، ولا سيما الفساق منهم وأرباب السفه وقلة الدين، وإخراج مال الفيء إليهم، وما جرى في أمر عمار بن ياسر وأبي ذر وعبد الله بن مسعود، وغير من الأمور التي جرت في أواخر خلافته.

وراجعوا التاريخ حول أبي سفيان وبنيه، وهو من زعماء بني أمية، وانظروا إلى ما نقله الطبري في تاريخه، فقد قال: إن رسول الله (ص) رأى أبو سفيان مقبلا على حماره ومعاوية يقوده ويزيد بن أبي سفيان يسوق بالحمار، فقال (ص): " لعن الله الراكب والقائد والسائق ".

وبالرغم من ذلك نجد في التاريخ أن عثمان أكرمه وأعطاه أموالا كثيرة، وكان له عند الخليفة مقاما وجاها عاليا، وهو الذي أنكر القيامة والمعاد في مجلس عثمان، فارتد عن الإسلام، وكان على الخليفة أن يأمر بقتله، لأن المرتد جزاؤه القتل، ولكنه تغاضى عنه واكتفى بإخراجه!

فأنصفوا وفكروا! لماذا كان عثمان يكرم أبا سفيان المرتد، ويؤوي طريد رسول الله (ص) الحكم بن أبي العاص وابنه مروان ويقربهم ويمنحهم الأموال الكثيرة من بيت مال المسلمين، ويسند إليهم وإلى أبنائهم الولايات والامارات، وهم الذين لعنهم رسول الله (ص) في الملأ العام، وقد سمعه المسلمون وهو يفسر الشجرة الملعونة في القرآن ببني أمية؟!

لماذا كان عثمان يتخذ مروان وأمثاله ونظراءه أولياء من دون الله تعالى ويركن إليهم ويعمل برأيهم، بل أسند إليهم إدارة الدولة حتى تكون آلة لهم ومطية لأغراضهم الالحادية وأهدافهم الجاهلية؟!

فلقائل أن يقول: إنما كان عثمان يقصد من وراء أعماله التي ذكرنا طرفا منها تمهيد السبيل للانقلاب الذي أخبر الله سبحانه في كتابه بقوله: (ومه: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم...)(47).

موقف علي عليه السلام من عثمان

لقد كان موقف الإمام علي (ع) في الفتنة موقف الناصح المصلح، والتاريخ يشكر له مواقفه السليمة، وأنا أنقل لكم الآن بعض كلامه في هذا الشأن من " نهج البلاغة " حتى تعرفوا نياته الطيبة ومساعيه الخيرة.

قالوا: لما اجتمع الناس إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، وشكوا إليه ما نقموه على عثمان، وسألوه مخاطبته واستعتابه لهم، فدخل (ع) على عثمان فقال:

إن الناس ورائي وقد استفسروني بينك وبينهم، والله ما أدري ما أقول لك! ما أعرف شيئا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه!

إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه، ولا خلونا بشيء فنبلغكه، و قد رأيت كما رأينا، و سمعت كما سمعنا، و صحبت رسول اللّه (ص) كما صحبنا، و ما ابن أبي قحافة و لا ابن الخطّاب بأولى بعمل الحقّ منك، و أنت أقرب إلى رسول اللّه (ص) وشيجة رحم منهما، و قد نلت من صهره ما لم ينالا، فاللّه.. اللّه في نفسك فإنّك و اللّه ما تبصّر من عمي و لا تعلّم من جهل، و إنّ الطّرق لواضحة و إنّ أعلام الدّين لقائمة.

فاعلم أنّ أفضل عباد اللّه عند اللّه إمام عادل هدي و هدى، فأقام سنّة معلومة و أمات بدعة مجهولة، و إنّ السّنن لنيّرة لها أعلام، و إنّ البدع لظاهرة لها أعلام، و إنّ شرّ النّاس عند اللّه إمام جائر ضلّ و ضلّ به، فأمات سنّة مأخوذة و أحيا بدعة متروكة، و إنّي سمعت رسول اللّه (ص) يقول يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر و ليس معه نصير و لا عاذر فيلقى في جهنّم فيدور فيها كما تدور الرّحى، ثمّ يرتبط في قعرها.

و إنّي أنشدك اللّه أن تكون إمام هذه الأمّة المقتول!

فإنّه كان يقال يقتل في هذه الأمّة إمام يفتح عليها القتل و القتال إلى يوم القيامة، و تلبس أمورها عليها و يبثّ الفتن فيها فلا يبصرون الحقّ من الباطل يموجون فيها موجا و يمرجون فيها مرجا.

فلا تكونن ّ لمروان سيقة يسوقك حيث شاء بعد جلال السّنّ و تقضي العمر(48).

فقال له عثمان كلّم النّاس في أن يؤجّلوني حتّى أخرج إليهم من مظالمهم.

فقال (ع): ما كان بالمدينة فلا أجل فيه، و ما غاب فأجله وصول أمرك إليه.

ولكن عثمان شاور مروان في ما طلبه علي (ع) من قبل الناس، فأشار عليه بالمخالفة، فخرج عثمان وخطب الناس وقال في ما قال:

... فاجترأتم علي، أما والله لأنا أقرب ناصرا، وأعز نفرا، وأكثر عودا، وأحرى إن قلت: " هلم " أن يجاب صوتي.