فلا ينكر أحد تفضيل الإمام علي (ع) على غيره إلا عن تعصب وعناد ، وإلا فإن أعلامكم المنصفين ذهبوا أيضا مذهب المعتزلة في ذلك:
فقد روى العلامة الكنجي الشافعي في " كفاية الطالب " الباب الثاني والستين، بسنده عن ابن التيمي، عن أبيه، قال: فضل علي بن أبي طالب على سائر الصحابة بمائة منقبة وشاركهم في مناقبهم.
وقال العلامة الكنجي، وابن التيمي هو موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي، ثقة وابن ثقة، أسند عنه العلماء والإثبات... ثم ذكر المائة منقبة بالتفصيل(20).
ونقل الشيخ سليمان القندوزي في كتابه " ينابيع المودة " الباب الأربعين، قال: أخرج موفق بن أحمد، عن محمد بن منصور، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحد من الصحابة من الفضائل مثل ما لعلي بن أبي طالب (ع).
وقال أحمد: قال رجل لابن عباس سبحان الله! ما أكثر فضائل علي بن أبي طالب ومناقبه! إني لأحسبها ثلاثة آلاف منقبة. فقال ابن عباس: أَو لا تقول إنها ثلاثين ألفا أقرب؟!(21).
وقال ابن أبي الحديد في مقدمة شرح نهج البلاغة 1/17 ط. دار إحياء التراث العربي: وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله؟!
... وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة؟! فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وأبو عذرها، وسابق مضمارها ومجلي حلبتها. كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى.
ويقول في خاتمة المقدمة: 30: وجب أن نختصر ونقتصر، فلو أردنا شرح مناقبه وخصائصه لاحتجنا إلى كتاب مفرد يماثل حجم هذا، بل يزيد عليه. وبالله التوفيق.
فلا أدري بأي عذر أخروا هذا الرجل الفذ، والإنسان العبقري، العملاق العظيم، العلي على البشر بعد النبي (ص).
ولماذا لم يستشيروه في أمر الخلافة؟!
وهل لهم دليل على تقديم الآخرين عليه؟!
فانصفوا ولا تتبعوا التعصب والعناد!
الحافظ: وأنتم أيضا أنصفوا وانظروا هل يجوز لكم أن تنسبوا لأصحاب النبي (ع) المقربين، غصب الخلافة ومخالفة أمر الله والرسول؟!
وكيف تعتقدون بأن أمة الإسلام اجتمعت على الباطل والضلال؟!!
أما قال رسول الله (ص): لا تجتمع أمتي على الخطأ؟!
وقال (ص): لا تجتمع أمتي على الضلالة.
فلذلك نحن لا نقلد أسلافنا تقليد الأعمى، ولا نسير خلفهم سير الحمقى، بل قلدناهم وأخذنا مذهبهم إطاعة لأمر النبي (ص) حيث صحح إجماع المسلمين وأيد كل ما أجمعت عليه الصحابة المهتدين.
دعوى: إجماع الأمة على خلافة أبي بكر
قلت: أرجو أن تبينوا لنا أدلتكم على صحة خلافة أبي بكر؟
الحافظ: إن أقوى دليل على إثبات خلافة أبي بكر وصحتها هو إجماع الأمة على خلافته.
وأضف على هذا كبر السن والشيخوخة، فإن عليا (كرم الله وجه) مع فضله وسوابقه المشرفة وقربه من رسول الله (ص) فإن المسلمين أخروه لصغر سنه.
وأنتم لو فكرتم قليلا وأنصفتم لأعطيتم الحق للمسلمين، فلا يجوز عقلا أن يتقدم في هذا الأمر العظيم شاب حدث السن مع وجود شيوخ قومه وكبراء أهله.. وإن تأخر سيدنا علي لا يكون نقصا له بل كماله، وإن أفضليته على أقرانه ثابتة لا ننكرها.
ثم إن المسلمين سمعوا حديثا رواه عمر بن الخطاب، قال: لا تجتمع النبوة والملك في أهل بيت واحد.
ولما كان عمر من أهل بيت النبوة ما بايعوه..
هذه أسباب تقدم أبي بكر وتأخر علي في أمر الخلافة.
قلت: إن أدلتكم هذه تضحك الثكلى، وإن مثلكم كمثل الذي يغمض عينه فيصبح كالأعمى، فلا يرى الشمس الطالعة في الضحى، وينكر ضوء النهار إذا تجلى ، فافتحوا أعينكم، وانظروا إلى منار الهدى، واسلكوا طريق الحق والتقى، ولا تتبعوا الهوى، وتجنبوا المنزلق والمهوى، ولا تغرنكم الدنيا، فإن الآخرة خير وأبقى.
وإني أرجوكم أن تقرءوا كتابنا وتدققوا النظر في أدلتنا وتعمقوا الفكر في عقائدنا.
أقول هذا، لأني فتشت أسواق الشام والقاهرة والحجاز والأردن، وغيرها من البلاد الإسلامية التي غالب سكانها أهل السنة أو حكامها من أهل السنة والجماعة، فما وجدت كتب الشيعة في مكتباتها فكأنكم ـ مع الأسف ـ آليتم أن تطالعوا كتب الشيعة، فلا أدري هل حكمتهم عليها بأنها كتب الضلال فحرمتم قراءتها؟!!
وإني دخلت بيوت كثير من إخواننا أهل السنة والجماعة، علمائهم وغير علمائهم، الذين يهوون مطالعة الكتب ويملكون مكتبات شخصية في بيوتهم، فوجدت فيها كتب مختلفة حتى كتب غير المسلمين من الشرقيين والغربيين، ولم أجد كتابا واحدا من كتب الشيعة!!
بينما نحن في بلادنا نطبع كتبكم وننشرها، وندعو أهل العلم والمثقفين لمطالعتها.
فهذه مدينة النجف الأشرف وكربلاء المقدسة في العراق، وهذه مدينة قم ومشهد الإمام الرضا (ع) في إيران، وهي مراكز الشيعة التي فيها حوزاتنا العلمية ومراجعنا الكرام، وكذلك طهران وشيراز وأصفهان، وغيرها من البلاد التي تسكنها الشيعة، فتحت أبواب مكتباتها لعرض كتبكم وبيعها بدون أي مانع ورادع.
ولا أجد مكتبة واحدة من مكتباتنا العامة أو الشخصية تخلو من كتبكم وصحاحكم ومسانيدكم وتواريخكم وتفاسيركم، لا لحاجة منا إليها، لأن مدرسة أهل البيت (ع) غنية، والأخبار المروية عن العترة الطاهرة الهادية تناولت جميع جوانب الحياة وكل ما يحتاجه الإنسان في أمر الدين والدنيا.
ولكن نريد أن نحاججكم بكتبكم، ونلزمكم بأقوال علمائكم وآراء أعلامكم، وننقدها نقدا بناء حتى نصل معكم إلى التفاهم، وكما تجدوني في هذه المحاورات والمناقشات لا أنقل إلا عن كتبكم ومسانيدكم وصحاحكم وتفاسيركم.
إجماع أم مؤامرة!!
لقد ادعيتم أن إجماع الصحابة هو أقوى دليل على إثبات خلافة أبي بكر وصحتها. واستدللتم بحديث: لا تجتمع أمتي على الخطأ، أو لا تجتمع أمتي على ضلال.
فالأمة أضيفت إلى ياء المتكلم، فتفيد العموم كما قال النحويون ، فعلى فرض صحة الحديث يكون معناه: إن أمتي كلهم من غير استثناء إذا أجمعوا على أمر فذاك الأمر لا يكون خطأ أو ضلالا.
وهذا هو الإجماع الذي يتضمن رأي حجة الله تعالى في خلقه، لأن الأرض لا تخلو من حجة لله عز وجل ـ كما جاء في روايات الفرقين ـ.
ثم إن هذا الحديث ـ على فرض صحته ـ لا ينخ الأحاديث النبوية والنصوص الجلية في تعريف النبي (ص) خليفته في البرية.
ولو تنزلنا وسلمنا برأيكم والتزمنا بهذا المقال، بأن النبي (ص) لم يعين خليفته بأمر الله العزيز المتعال، وإنما كان يشير إلى علي (ع) ويرشحه للخلافة برأيه الشخصي، وقد فتح على الأمة باب الاختيار وفسح لهم المجال، وأقر إجماعهم بقوله (ص): لا تجتمع أمتي على خطأ أو ضلال.
فنقول: إن الإجماع الذي أقره النبي (ص) ما حصل في خلافة أبي بكر ولم يحصل لغيره.
الحافظ: نفي الإجماع على خلافة أبي بكر (رض) أمر غريب!
لأنه حكم في الأمة بعد النبي (ص) أكثر من سنتين من غير مخالف أو منازع، وانقاد له جميع المهاجرين والأنصار، وبهذا حصل الإجماع على خلافته.
قلت: إن هذا كلام مغالطة وجدل! لأن سؤالي وكلامي كان حول إجماع الأمة على خلافة أبي بكر في بداية الأمر، حينما اجتمعوا في السقيفة، وهل وافق الحاضرون كلهم على خلافته؟!
وهل اتفق رأي المسلمين الذين كانوا في المدينة المنورة على خلافته آنذاك؟!
وهل كان لرأي سائر المسلمين ـ الذين كانوا خارج المدينة المنورة ، حواليها أو بعيدين عنها ـ أثر في الانتخاب؟!
أم ليس لرأيهم محل من الإعراب؟!
الحافظ: لا نقول إن اجتماع السقيفة كان يمثل جميع الأمة، وإن كان فيه كثير من كبار الصحابة، ولكن الحاضرين فيها اختاروا أبا بكر، وبعد ذلك وافقهم المسلمون فحصل الإجماع تدريجيا مع مرور الزمن!
قلت: بالله عليكم فكروا وأنصفوا! هل الإجماع الذي أقره رسول الله (ص) في حديثه حصل في السقيفة، مع مخالفة سعد بن عبادة الخزرجي وأهله وأنصاره ؟!
فهل تكشف واقعة السقيفة عن إجماع الصحابة البررة، أو تنبئ عن مؤامرة مدبرة؟!
وإذا ما كانت هناك مؤامرة، ولم تتدخل فيها الأغراض والأطماع، لماذا لم يصبروا حتى يتحقق الإجماع؟!
وكلنا نعلم، بأن الأوس قد وافقوا على خلافة أبي بكر لا لمصلحة الإسلام، بل بسبب النزاعات والخلافات التي كانت بينهم وبين الخزرج، وقد كانت لها جذور جاهلية، فلما رأوا كفة سعد بن عبادة قد رجحت وكاد أن يبتز الحكم، أسرعوا إلى أبي بكر فبايعوه رغما لأنوف مناوئيهم الخزرجيين.
وأما المسلمون خارج السقيفة، لما سمعوا بما حدث في السقيفة ذهلوا وبهتوا، ثم انجرفوا مع التيار، وكان أكثر الناس في ذلك المجتمع همجا رعاعا ، ينعقون مع كل ناعق، ويميلون مع الريح.
وهم الذين يصفهم الباري عز وجل بقوله: (ٍ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن يتقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين)(22).
وسوف يخاطبهم الله تعالى في جهنم بقوله سبحانه: (لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون)(23) و(24).
وأما الذين استقاموا على الدين، وثبتوا في طريق الحق واليقين، وتمسكوا بولاية سيد الوصيين، واعتقدوا خلافة وإمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فعددهم قليل، وهم الذين يصفهم ربهم سبحانه وتعالى بقوله: (وقليل من عبادي الشكور)(25).
وهم صفوة أصحاب رسول الله (ص) وأهل بيته المطهرون وعترته الطيبون، وهم الذين غضبوا من أحداث السقيفة وأعلنوا مخالفتهم لبيعة أبي بكر.
فلذلك نقول أن الإجماع ـ الذي تدّعونه لإثبات وتصحيح خلافة أبي بكر وشرعيتها ـ لم يحصل!
الحافظ: يحصل الإجماع ويقع إذا وافق أهل الحل والعقد وسنام الأمة على أمر، وليس من حق أي مسلم أن ينقض ما أبرموا.
قلت: إن هذا التفسير والمعنى لكلمة الإجماع ادعاء لا دليل عليه ، وهو خلاف ظاهر الحديث الذي تمسكتم به لتشريع الإجماع.
فالحديث يصرح: لا تجتمع أمتي على خطأ ـ أو ضلال ـ.
فكيف استخرجتم هذا المعنى، وخصصتم الأمة بأهل الحل والعقد والسنام ـ أي الطبقة العليا من المجتمع ـ ثم ألزمتم الآخرين باتباع رأي أولئك وإطاعتهم؟!!
والحال إن إضافة الأمة إلى ياء المتكلم، أو نسبتها إلى ياء النسبة تفيد العموم، فلا يجوز عند النحويين أن تخصص الأمة بعدد من الصحابة دون الآخرين.
وحتى إذا سلمنا أن الإجماع يحصل بتوافق أهل الحل والعقد، فهل الذين حضروا السقيفة كانوا أهل الحل والعقد دون سواهم؟!
أم كان في المدينة وحواليها آخرون من أهل الحل والعقد، ولم يحضروا آنذاك في السقيفة؟!
فهلا أخبروهم بانعقاد ذلك المؤتمر ودعوهم للحضور؟!
وهلا استفسروا عن رأيهم في خلافة أبي بكر؟!
الحافظ: الظروف ما سمحت بذلك، فإذا كان على الشيخين أن ينتظروا رأي جميع أهل الحل والعقد الذين كانوا في المدينة المنورة وخارجها، لكانت دسائس المنافقين تعمل عملها، فلذلك لما سمع أبو بكر وعمر (رض) أن جماعة من الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، ليتشاوروا في أمر الخلافة، أسرعا إليها وتكلما استوليا به على الوضع.
ثم إن عمر ـ الذي كان رجلا سياسيا وشيخا محنكا ـ رأى صلاح الإسلام في أن ينابيع أبا بكر بالخلافة، فمد يده وبايعه، وتبعه أبو عبيدة بن الجراح والأوسيون.
فلما رأى سعد بن عبادة ذلك، خرج من السقيفة غاضبا غير راض عما حصل، لأنه كان يريد الخلافة لنفسه، وتبعه قومه الخزرجيون وخرجوا من السقيفة غاضبين.
هذا هو سبب استعجال الشيخين في أمر الخلافة، ولولا اتخاذهما ذلك الموقف الحاسم في السقيفة لكان الأمر يؤول إلى النزاع بين قبيلتي الأنصار: الأوس والخزرج.
قلت: ما كان اجتماع الأنصار في السقيفة من أجل تعيين خليفة، بل كانوا بصدد تعيين لأنفسهم، وأخيرا كاد التوافق يحصل بأن يكون للأوس أمير وللخزرج أمير وهو أشبه شيء برئيس القبيلة وشيخ العشيرة.
فهنا اغتنم الشيخان أبو بكر وعمر الفرصة من نزاع القوم، فتقدم أبو بكر وتكلم في أمر الخلافة، وتعجل عمر في بيعته، وإلا لو كان الاجتماع من أجل تعيين خليفة رسول الله (ص) لكان الاجتماع يضم كل الصحابة الذين كانوا في المدينة المنورة من المهاجرين والأنصار، وحتى الذين كانوا في معسكر أسامة بن زيد خارج المدينة.
فإن رسول الله (ص) في أواخر أيامه عقد راية لأسامة وأمر المسلمين بالانضمام تحتها، وكرر الأمر بقوله (ص): أنفذوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف عن جيش أسامة!
وكان الشيخان تحت إمرة أسامة بن زيد، ولكنهما تخلفا وتركا المعسكر، فكان المفروض عليهما أن يستشيرا أميرهما في مثل ذلك الأمر الهام، ولكنهما استبدا بالرأي وما شاوراه!
فلذلك لما سمع بما حدث في السقيفة وان أبا بكر صار خليفة جاء إلى مسجد النبي (ص) واعترض، فاقترب منه عمر قائلا: لقد انقضى الأمر وتمت البيعة لأبي بكر، قم وبايع ولا تشق عصا المسلمين! فقام وبايع!
ولكن كان لأسامة أن يقول: لقد جعلني رسول الله (ص) أميرا عليك وعلى أبي بكر ولم يعزلني بعد، فكيف يصبح أميركم الذي أمّره رسول الله (ص) تحت إمرتكم؟!
أما أمركما رسول الله (ص) بطاعتي؟! وأمركم أن تكونا تحت إمرتي ؟! فكيف انعكس الأمر؟!!
فإن تقولوا: إن المسافة كانت بعيدة بين المدينة والمعسكر والظروف الراهنة ما سمحت للشيخين أن يستشيرا أميرهما أسامة ومن كان تحت رايته من ذوي البصائر وأهل الحل والعقد!
فما تقولون في بني هاشم الذين كانوا مجتمعين في بيت رسول الله (ص) وكذلك الصحابة المقربين الذين كانوا آنذاك عند جثمان النبي (ص) يعزون أهله المصابين بتلك المصيبة العظمى؟!
فلماذا ما استشار أولئك، وبالخصوص علي بن أبي طالب والعباس(26) عم رسول الله (ص) وهما بإجماع المسلمين كانا من أهل الحل والعقد في الإسلام وكانا من ذوي البصيرة والرأي، هل المسافة كانت بعيدة؟!! أم الظروف الراهنة ما سمحت؟!!
الحافظ: أظن بأن الأمر كان خطيرا والخطر كبيرا بحيث لم يمكن للشيخين ترك السقيفة حتى لحظة واحدة.
قلت: ولكن أقول: إن الشيخين ما أرادا أن يخبرا عليا وبني هاشم وسائر الصحابة، بل كانا يريدان خلو الساحة من أولئك، حتى يحققا أمرا دبّراه فيما بينهما!
الحافظ: وهل لكم دليل على ذلك؟
قلت: أولا: كان بإمكانهما أن يراقبا الوضع في السقيفة ويبعثا أبا عبيدة الجراح، فيخبر بني هاشم وسائر الصحابة.
ثانيا: قبل أن يأتي الشيخان إلى السقيفة، كان أبو بكر مع المجتمعين في بيت رسول الله (ص)، فجاء عمر عند الباب ولم يدخل البيت، فطلب أبا بكر وأخبره باجتماع الأنصار في السقيفة، ولم يخبر الآخرين، ثم أخذه معه وانطلقا نحو السقيفة.
الحافظ: هذا الخبر من أقاويل الروافض!
قلت: سبحان الله، مالك كلما عجزت عن الجواب، اتهمت الشيعة وأسأت إليهم بالكلام؟!
ولقد تكرر منك هذا الموقف العنيف، ثم ثبت للحاضرين زيف كلامك وبطلان رأيك هذه المرة كذلك.
ولكي تعرف الحقيقة فراجع تاريخ محمد بن جرير الطبري ـ من كبار أعلامكم ومؤرخيكم في القرن الثالث ـ 2/456، ونقل عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 2/38 فقال: وروى أبو جعفر أيضا في التاريخ، أن رسول الله (ص) لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ـ إلى أن قال: ـ وسمع عمر الخبر فأتى منزل رسول الله (ص) وفيه أبو بكر، فأرسل إليه: أن أخرج إلي، فأرسل: إني مشغول، فأرسل إليه عمر أن أخرج، فقد حدث أمر لا بد أن تحضره فخرج فأعلمه الخبر، فمضيا مسرعين نحوهم ومعهما أبو عبيدة.... إلى آخر الخبر(27).
فبأي دليل ومنطق، تسمون هذه الواقعة، إجماع الأمة وإجماع أهل الحل والعقد؟!
إن هذه الطريقة في تعيين رئيس الجمهورية أو أمير القوم أو خليفة رسول الله (ص) تخالف القوانين السماوية والأرضية، وتناقض سيرة العقلاء في العالم وترفضها جميع الأمم والشعوب، لا الشيعة فحسب!
لا إجماع على خلافة أبي بكر
أيها العلماء لو فكرتم قليلا وأنصفتم، ثم نظرتم إلى أحداث السقيفة وما نجم منها، لأذعنتم أن خلافة أبي بكر ما كانت بموافقة جميع أهل الحل والعقد، ولم يحصل الإجماع عليها، وأقوم وتمسكهم بالإجماع فارغ عن المعنى واسم من غير مسمى!
فإن إعلان النتيجة في مثل هذه الأمور تعبر برأي الأكثرية والأقلية أو الإجماع.
فلو تشاور قوم في أمر، فوافق أكثرهم وخالف آخرون، فالموافقون أكثرية والمخالفون أقلية.
ولكن إذا وافق كلهم، بحيث لم يخالف منهم أحد، فقد حصل الإجماع.
والآن أسألكم بالله! هل حصل هذا الإجماع على خلافة أبي بكر، في السقيفة أو في المسجد أو في المدينة.
وحتى لو تنزلنا وقلنا: إن الملحوظ هو رأي كبار الصحابة وذوي العقل والبصيرة من المسلمين، فهل أجمع كبار الصحابة وعقلاء المسلمين وأهل الحل والعقد كلهم على خلافة أبي بكر، بحيث لم يكن فيهم مخالف واحد؟!
الحافظ: قلنا بأن الإجماع ما حصل في بادئ الأمر، بل حصل تدريجا بموافقة المخالفين واحدا بعد الآخر مع طول الزمن.
قلت: وحتى هكذا ـ إجماع تدريجي ـ لم يحصل أيضا، لأن كثيرا من المخالفين بقوا على مخالفتهم لخليفة السقيفة، إلى أن وافاهم الأجل، منهم سيدة نساء العالمين وبنت سيد المرسلين وحبيبة خاتم النبيين، فاطمة الزهراء (ع)، وكانت هي مدار سخط الله سبحانه ورضاه، حيث قال رسول الله (ص) في شأنها: " فاطمة بضعة مني، يرضى الله لرضاها، ويسخط لسخطها ".
فأعلنت سخطها على الخليفة، ومخالفتها لرأي السقيفة، ورفضت أن تبايع أبا بكر حتى ماتت وهي واجدة عليه(28).
وأحد المخالفين لخلافة أبي بكر، سعد بن عبادة الخزرجي، وهو سيد قومه، أعلن خلافه لما بعث إليه أبو بكر أن أقبل فبايع فقد بايع الناس.
فقال: أما والله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي من نبل، وأخضب منكم سناني ورمحي، وأضربكم بسيفي، ما ملكته يدي، وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي، ولا والله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم حسابي(29).
فالإجماع الذي تزعمونه نفاه كثير من أعلامكم أيضا، منهم صاحب كتاب " المواقف " والفخر الرازي وجلال الدين السيوطي وابن أبى الحديد والطبري والبخاري ومسلم بن الحجاج وغيرهم.
وقد ذكر العسقلاني والبلاذري في تاريخه ومحمد خاوند شاه في " روضة الصفا " وابن عبد البر في " الاستيعاب " وغير هؤلاء أيضا ذكروا: أن سعد بن عبادة وطائفة من الخزرج وجماعة من قريش ما بايعوا أبا بكر، وثمانية عشر من كبار الصحابة رفضوا أيضا أن يبايعوه، وهم شيعة علي بن أبي طالب وأنصاره، وذكروا أسماءهم كما يلي:
1ـ سلمان الفارسي 2ـ أبو ذر الغفاري 3ـ المقداد بن الاسود الكندي 4ـ أبي بن كعب 5ـ عمار بن ياسر 6ـ خالد بن سعيد بن العاص 7ـ بريدة الأسلمي 8ـ خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين 9ـ أبو الهيثم بن التيهان 10 ـ سهل بن حنيف 11ـ عثمان بن حنيف 12ـ أبو أيوب الأنصاري 13ـ جابر بن عبد الله الأنصاري 14ـ حذيفة بن اليمان 15ـ سعد بن عبادة 16ـ قيس بن سعد 17ـ عبد الله بن عباس 18ـ زيد بن أرقم.
وذكر اليعقوبي في تاريخه فقال: تخلف قوم من المهاجرين والأنصار عن بيعة أبي بكر، ومالوا مع علي بن أبي طالب، منهم العباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس والزبير بن العوام وخالد بن سعيد بن العاص والمقداد وسلمان وأبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والبراء بن عازب وأبي بن كعب.
أقول:
ألم يكن هؤلاء من صفوة أصحاب النبي (ص) ومن المقربين إليه والمكرمين لديه؟! فلماذا لم يشاوروهم؟!
فإن لم يكن هؤلاء الأخيار من أهل الحل والعقد ومن ذوي البصيرة والرأي في المشورة والاختيار، فمن يكون إذن؟!!
وإذا لم يعبأ برأي أولئك كان رسول الله (ص) يشاورهم في الأمور ويعتمد عليهم، فبرأي من يعبأ، ورأي من يكون ميزانا ومعيارا لإبرام الأمور المهمة وحسم قضايا الأمة؟!
مخالفة العترة لخلافة أبي بكر
لا شك أن العترة وأهل بيت رسول الله (ص) هم أفضل الصحابة، وهم في الصف الأول والمتقدمين على أهل الحل والعقد، وإن إجماع أهل البيت عليهم السلام حجة لازمة، ليس لأحد من المسلمين ردهم بدليل الحديث النبوي الشريف المروي في كتب الفريقين أنه (ص) قال: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا.
[ ذكرنا بعض مصادره من كتب العامة في مجلس سابق ].
فجعلهم رسول الله (ص) منار الهدى، وأمانا من الضلالة والعمى.
وقال (ص): مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى. [ ذكرنا مصادره في المجلس الثالث من هذا الكتاب ].
وقال (ص): أنا وأهل بيتي شجرة [أصلها] في الجنة، وأغصانها في الدنيا فمن شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا فليتمسك بها(30). فجعلهم سبيل الوصول إلى الله سبحانه وتعالى.
وقال (ص): في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي، ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله عز وجل فانظروا من توفدون!(31).
هذه الأحاديث الشريفة وأمثالها، جاءت في كتبكم، وذكرت في مسانيدكم وصحاحكم، وهي تشير إلى أن المسلمين إذا أطاعوا أهل البيت عليهم السلام واتبعوا العترة الهادية سعدوا في الدنيا والآخرة.
واتفق المؤرخون والمحدثون على أن أهل البيت وبني هاشم كلهم تخلفوا عن بيعة أبي بكر ولم يرضوا بخلافته.
فثبت أن دليلكم الأول ـ وهو الإجماع على خلافة أبي بكر ـ مردود.
تفنيد الدليل الثاني
وأما دليلكم الثاني، وهو كبر السن، إذ قلتم: إنهم قدموا أبا بكر في الخلافة لأنه أكبر سنا من علي بن أبي طالب.
صحيح أن أصحاب السقيفة استدلوا بهذا الدليل لإقناع الإمام علي عليه السلام ليبايع أبا بكر(32) ولكنه دليل ضعيف وكلام سخيف.
فلو كان كبر السن ملحوظا في المنصوب للخلافة، فقد كان في المسلمين والصحابة من هو أكبر سنا من أبي بكر، حتى إن والده أبا قحافة كان حيا في ذلك اليوم، فلم أخروه وقدموا ابنه؟!!(33).
الحافظ: إن الملحوظ عندنا كبر السن مع السابقة في الإسلام.
وقد كان أبو بكر شيخا محنكا في الأمور، ذا سابقة حسنة، وكان مقدرا ومحبوبا عند رسول الله (ص) فلا يقدم عليه علي كرم الله وجهه وهو حديث السن غير محنك في الأمور.
قلت: إن كان كذلك فلماذا قدم رسول الله (ص) عليا (ع) عليه في كثير من الأمور والقضايا؟!
منها: في غزوة تبوك، حينما عزم رسول الله (ص) أن يخرج مع المسلمين إلى تبوك وكان يخشى تحرك المنافقين في المدينة وتخريبهم، خلف عليا (ع) ليدير أمور المدينة المنورة، دينيا وسياسيا واجتماعيا، وقال له: أنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي.
وكان علي (ع) نعم الخلف، وخير مدير، وأفضل أمير.
ومنها تبليغ آيات من سورة براءة لأهل مكة حين كانوا مشركين، فقد عين النبي (ص) أبا بكر لهذه المهمة وأرسله إلى مكة وقطع مسافة نحوها، ولكن الله عز وجل أمر النبي (ص) أن يعزل أبا بكر ويعين عليا (ع) لتبليغ الرسالة، ففعل النبي (ص) وأرسل عليا (ع) فأخذ الرسالة من أبي بكر، فرجع إلى المدينة وذهب علي (ع) إلى مكة فوقف في الملأ العام من قريش ورفع صوته بتلاوة الآيات من سورة براءة وأدى تبليغ الرسالة، ونفذ الأمر، ورجع إلى المدينة(34).
ومنها: أنه (ص) بعثه إلى اليمن ليهدي أهلها إلى الإسلام، ويبلغهم الدين، ويقضي بين المتخاصمين، وقد أدى هذا الأمر على أحسن وجه.
وأمثال هذه الأخبار كثيرة، لا يسعنا المجال لذكرها، ولكن ذكرنا نماذج منها لتفنيد دليلكم وإبطال قولكم، ولكي يعرف الحاضرون أن كبر السن والشيخوخة غير ملحوظة في انتخاب خليفة النبي (ص)، وإنما الملحوظ كمال عقله وإيمانه ، واتصافه بالصفات الحميدة والفضائل المجيدة، التي تجعله مشابها ومماثلا للنبي (ص) سواء أكان خليفته شيخا أم شابا.
علي (ع) فاروق بين الحق والباطل
ودليلنا الآخر على بطلان خلافة أبي بكر أن علي بن أبي طالب (ع) رفض البيعة له وخالف ولايته.
والنبي (ص) وصف عليا (ع) بأنه الفاروق بين الحق والباطل.
فخلافة أبي بكر التي خالفها علي (ع) باطلة لا محالة.
الحافظ: إن عمر بن الخطاب هو الفاروق الأعظم، وهو أول من بايع أبا بكر وسعى في تحكيم خلافته.
قلت: الناس لقبوا عمر بالفاروق، في قبال النبي (ص) إذ لقب عليا (ع) به، وزادوا " الأعظم " في لقب عمر ليؤكدوه فيه.
الحافظ: وهل لكم دليل على أن النبي (ص) لقب عليا كرم الله وجهه بالفاروق.
قلت: وهل نقلت إلى الآن خبرا في فضل الإمام علي (ع) بغير دليل من كتبكم ومسانيدكم المعتبرة عندكم؟! وهذا الموضوع أيضا سنده ودليله في كتبكم المعتبرة ومسانيدكم الموثقة.
لقد نقل الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه " ينابيع المودة " باب 56: روى من كتاب " السبعين في فضائل أمير المؤمنين " حديث رقم 12، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (ص): ستكون من بعدي فتنة، فإن كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه الفاروق بين الحق والباطل.
قال: رواه صاحب الفردوس.
وأخرجه أيضا العلامة المير السيد علي الهمداني في كتابه " مودة القربى " المودة السادسة، عن أبي ليلى الغفاري، عن النبي (ص) قال: ستكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا عليا، فإنه الفاروق بين الحق والباطل.
وروى العلامة الكنجي الشافعي في كتابه " كفاية الطالب " الباب الرابع والأربعين: بإسناده عن أبي ليلى الغفاري، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: ستكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا عليا، إنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو معي في السماء العليا، وهو الفاروق بين الحق والباطل.
قال الكنجي: هذا حديث حسن عال، رواه الحافظ في أماليه.
وروى أيضا في الباب باسناده عن ابن عباس، قال: ستكون فتنة، فمن أدركها منكم فعليه بخصلة من كتاب الله تعالى وعلي بن أبي طالب (ع)، فإني سمعت رسول الله (ص) وهو يقول: هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتي منه، وهو خليفتي من بعدي.
قال الكنجي: هكذا أخرجه محدث الشام في فضائل علي عليه السلام في الجزء التاسع والأربعين بعد الثلاث مائة من كتابه بطرق شتى وأخرج شيخ الإسلام الحمويني بسنده عن علقمة بن قيس والأسود بن بريدة.
وأخرجه عنهما المير السيد علي الهمداني في آخر المودة الخامسة من كتاب " مودة القربى " باختلاف يسير في أوله، ونحن ننقل عنه..
قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري، قلنا: يا أبا أيوب! إن الله تعالى أكرمك بنبيك إذ أوحى إلى راحلته تبرك إلى بابك، فكان رسول الله (ص) صنع لك فضيلة فضلك بها.
أخبرنا بمخرجك مع علي (ع) تقاتل أهل لا إله إلا الله!
فقال أبو أيوب: فإني أقسم لكما بالله تعالى لقد كان والنبي (ص) معي في هذا البيت الذي أنتما فيه معي، وما في البيت غير رسول الله (ص) وعلي جالس يمينه، وأنس قائم بين يديه، إذ حرك الباب، فقال رسول الله (ص): انظر إلى الباب من بالباب؟
فقال: يا رسول الله! هذا عمار.
فقال: افتح لعمار الطيب المطيب.
ففتح أنس الباب، فدخل عمار على رسول الله (ص).
قال (ص): يا عمار ستكون في أمتي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم حتى يقتل بعضهم بعضا، فإذا رأيت ذلك فعليك بذلك الأصلع عن يميني ـ يعني علي بن أبي طالب ـ إ ن سلك الناس كلهم واديا وسلك علي واديا، فاسلك وادي علي وخل عن الناس.
يا عمار! علي لا يردك عن هدى، ولا يدلك على ردى.
يا عمار! طاعة علي طاعتي، وطاعتي طاعة الله.
أقول: فكانت الفتنة التي أشار إليها رسول الله (ص) وصرح بها وأفصح عنها، وهي اختلاف أصحابه بعده في أمر الخلافة، وقد بين (ص) ما عليه، من إرشاد أمته إلى الصراط المستقيم والطريق القويم، بأن يستضيئوا بنور وصيه وابن عمه علي بن أبي طالب (ع) ويتبعوه ويأخذوا جانبه، فإن الحق معه، وكان علي (ع) يخالف بيعة أبي بكر ويرفضها لأنها باطلة.
ونحن نعتقد أن السقيفة وخليفتها ما هي إلا مؤامرة نفر من قريش، أشهرهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، وإذا لم تكن مؤامرة مدبرة بين هؤلاء كان عليهم أن يخبروا الصحابة الآخرين وخاصة الإمام عليا والعباس، وكان عليهم أن يشاوروهم ويأخذوا رأيهم. فكان يتعين حينئذ خليفة رسول الله (ص) على أساس الإجماع.
الحافظ: ما كانت هناك مؤامرة، وإنما الأوضاع الراهنة كانت خطيرة للغاية، بحيث رأوا التعجيل في تعيين الخليفة أمرا ضروريا لا يجوز تأخيره، وذلك في مصلحة الإسلام والمسلمين حفظا للدين.
قلت: هل إن الثلاثة الذين سبقوا بني هاشم وغيرهم من ذوي البصيرة والرأي، وحضروا السقيفة، هل كان إحساسهم في حفظ الدين أكثر من العباس ومن علي بن أبي طالب، مع سوابقه المشرقة في الجهاد والتضحية والذب عن الإسلام ونبيه (ص)؟!!