المجلس التاسع
ليلة السبت ـ الثاني من شعبان المعظم ـ 1345 هجرية
في أوان المغرب جاءني عدد من الإخوان السنة الذين كانوا يلتزمون بالحضور في مجالس البحث والحوار من أول ليلة، وكانوا يستمعون إلى المواضيع المطروحة بكل لهفة ودقة وربما طلبوا مني توضيح بعض المواضيع المطروحة بكل لهفة ودقة وربما طلبوا مني توضيح بعض المواضيع، وكنت أحس وألمس منهم اهتماما بالغا، فجاءوا قبل انعقاد المجلس، وهم: النواب عبد القيوم خان، وغلام إمامين، والمولى عبد الأحد، وغلام حيدر خان، والسيد أحمد علي شاه...
فاستقبلتهم وجلست معهم: فقالوا: أيها السيد المعظم! اعلم بأننا في كل المجالس والمحاورات عرفنا الحق فيكم ومعكم، وخاصة في الليلة الماضية قد انكشف لنا حقائق كثيرة كانت مكتومة، وكنا نجهلها، وقد عرفناها بفضل بيانكم واتضحت لنا من خلال حديثكم المستدل ومنطقكم القوي المدعم بالأحاديث والروايات الصحيحة المروية عن طريق أعلام السنة وعلمائهم في المسانيد والصحاح، ونحن نطلب الحق ونريد أن نتدين بدين الله ونلتزم بما جاء به المصطفى (ص) من عند الله سبحانه، فلسنا نتعصب للخلفاء ولا لأئمة السنة والجماعة ولسنا معاندين، بل نحن بعيدون عن اللجاج والتعصب والعناد. والآن حيث انكشف لنا الواقع، وعرفنا الحق، نريد أن نعلن هذه الليلة في المجلس وفي حضور الملأ، تشيعنا ومتابعتنا لمذهب آل رسول الله (ص).
واعلم أن هناك كثيرا من الناس على مختلف الطبقات ممن يتابعون هذه المناقشات في الصحف والمجلات، أيضا قد عرفوا الحق ولكنهم يخفون ذلك خوفا من رد فعل قومهم، وإساءة أقربائهم لهم، ويخشون مقاطعة المجتمع الذي يعيشون فيه، فإذا نحن بدأنا بإعلان تشيعنا وفتحنا الباب فهم يدخلون أيضا ويعلنون تشيعهم.
قلت: أرجوكم رجاء مؤكدا أن لا تعجلوا في الأمر، ولا تعلنوا تشيعكم هذه الليلة، اصبروا إلى نهاية المطاف حتى نعرف آخر ما يخرج به علماء السنة والجماعة من هذه الأبحاث والمناقشات، فربما يعلنون هم أيضا تشيعهم، فليكونوا هم البادون وأنتم التابعون، وهذا أجمل وأفضل، فوافقوا جميعا على هذا الرأي.
وبعدما فرغنا من صلاتي المغرب والعشاء، اجتمع القوم وبعد التحيات والتشريفات، بدأ الشيخ عبد السلام يتكلم عن الجماعة ليمثل مذهبه.
فقال: لقد استفدنا من أحاديثكم في المجالس السالفة، فوائد جمة ، وأقول بكل صراحة: إن حديثكم يلين قلوب الأعداء، فكيف بنا نحن الأحباء، حيث اجتمعنا للتفاهم وحل القضايا الخلافية بمناقشات أخوية ومناظرات ودية؟ ولكن لمست وأحسنت من جنابكم الانحياز إلى أهل مذهبكم، بحيث أراكم تدافعون حتى عن قبائح عاداتهم وشنائع أقوالهم!
قلت: أنا لا أقبل منك هذا الكلام... يا شيخ عبد السلام! لأني منذ عرفت نفسي وميزت بين الخير والشر، خضعت للحق، ودعوت للخير، ودافعت عن المظلوم، لأن جدي أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) أوصى إلى أولاده وخاصة إلى الحسنين (ع) فقال: قولا بالحق واعملا للآخرة، وكونا للظالم خصما، وللمظلوم عونا.
فإذا رأيتني أبين مساوئ من خالفنا، وأدافع عن من وافقنا، فلا عن انحياز أو متابعة للهوى، وإنما الحق والخير عندي هو المعيار والمقياس، واعلم أن كل حديثي وكلامي في هذه المناقشات كان مقرونا بالأدلة النقلية والبراهين العقلية.
وأما كلامك عن قبائح عادات الشيعة وأقوالهم الشنيعة فبيّنْها لنا، فإن كان بيانك حقا قبلناه، وإلا كشفنا لكم الواقع، فلربما اشتبه عليكم الأمر.
الشيعة وعائشة!!
الشيخ عبد السلام: إن من أقبح أقوال الشيعة قذفهم أم المؤمنين عائشة ونسبتهم الفحش إليها وسبها ولعنها! ومن أشنع عاداتهم عداؤهم لها واعتقادهم بخبثها، وهي حبيبة رسول الله (ص) وزوجته، فانتسابها إلى الخبث يلازم ـ والعياذ بالله ـ خبث النبي (ص) لقوله سبحانه: (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَ الْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَ الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ)(1).
قلت: أولا: قولك بأن الشيعة يقذفون عائشة وينسبونها إلى الفحشاء.. فهو كذب على الشيعة وافتراء، وأقسم بالله حتى عوام الشيعة لا يقولون ذلك ولا يعتقدون به، وإن النواصب والخوارج افتروا علينا هذا ليحركوا عوام أهل السنة وجهالهم على أشياع آل محمد (ص)، ومع الأسف فإن بعض علماء العامة صدقوهم بغير دليل ولا تحقيق، وأحدهم جناب الشيخ عبد السلام سلمه الله!
فأقول: أيها الشيخ! كيف تقول علينا هذا بالضرس القاطع؟! هل رأيته في كتاب أحد علمائنا؟ أم سمعته من لسان أحد الشيعة، ولو من عامتهم؟!
وأنا أرجوك أيها الشيخ أن تراجع تفاسير الشيعة في موضوع الإفك في ذيل الآيات 10 ـ 20 من سورة النور لتعرف دفاع الشيعة عن عائشة وإن الآفكين هم المنافقون.
أما نحن الشيعة فنعتقد أن كل من يقذف أي واحدة من زوجات رسول الله (ص) لا سيما حفصة وعائشة، فهو ملحد كافر ملعون مهدور الدم، لأن ذلك مخالف لصريح القرآن وإهانة لرسول الله (ص).
وكذلك نعتقد بأن القذف ونسبة الفحشاء إلى أي مسلم ومسلمة حرام وموجب للحد ـ إلا إذا شهد أربعة شهداء عدول ـ.
وأما اعتقاد الشيعة بخبث عائشة وشقاوتها، فبدليل أحاديث رسول الله (ص) حيث قال كما ورد في مسانيدكم: إنه لا يحب عليا إلا مؤمن سعيد الجد طيب الولادة، ولا يبغضه إلا منافق شقي الجد خبيث الولادة.
ولا يخفى على أحد أن عائشة كانت من أشد المبغضين لعلي (ع) إلى درجة أنها خرجت لقتاله، وأشعلت نار الفتنة والحرب في البصرة عليه وهو إمام زمانها حينذاك!!
ثم اعلم أن الاعتقاد بخبث الزوجة لا يلازم خبث الزوج وكذلك بالعكس، فكم من نساء صالحات أزواجهن غير صالحين؟ وكم من رجال صالحين زوجاتهم خبيثات غير صالحات؟ وهذا صريح قول الله سبحانه وتعالى في سورة التحريم 10 و11 حيث يقول: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَ امْرَأَةَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ* وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
فلا تلازم بين الزوجين في الطيب والخباثة وفي السعادة والشقاء، وفي القيامة أيضا كل يحاسب ويكافأ بأعماله، فإن كانت المرأة صالحة مؤمنة يؤمر بها الجنة، وإن كان زوجها فرعون لعنه الله، وإن كانت المرأة طالحة عاصية فيؤمر بها إلى الجحيم وإن كان زوجها أحد أنبياء المرسلين.
وأما تفسير الآية الكريمة: ( الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَ الْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَ الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَ الطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ)(2) فقد ورد في روايات أهل البيت (ع) أن هذه الجملات تفسير وتوضيح لما قبلها وهو قوله تعالى: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ)(3) معنى ذلك أن الخبيثات يلقن للخبيثين والخبيثون يليقون لهن، وأما الطيبون فيليقون للطيبات وبالعكس، كما أن الزانية أو المشركة لا تليق إلا لزان أو مشرك.
بغض عائشة لآل النبي (ص)
ونحن حين ننتقد عائشة ونعاديها، لا لأنها بنت أبي بكر، بل لسوء تصرفها وسوء معاملتها مع آل رسول الله (ص)، ولأنها كانت تبغض عليا (ع) وتعمل ضده وتثير المسلمين عليه، وإلا فإنا [ نحب محمد بن أبي بكر ـ أخيها ـ لأنه نصر الحق وتابع الإمام علي (ع) ].
أما عائشة فما حافظت على مكانتها بل سودت تاريخها بأعمالها المخالفة لكتاب الله وحديث النبي (ص) فما أطاعت زوجها ولا أطاعت ربها!!
الشيخ عبد السلام: لا يليق هذا الكلام بكم وأنت سيد شريف وعالم نبيل، فكيف تعبر عن أم المؤمنين بهذا التعبير، بأنها سودت تاريخها؟!
قلت: كل زوجات رسول الله (ص) عندنا في مكانة متساوية، باستثناء أم المؤمنين خديجة الكبرى (ع) فإن النبي كان يفضلها عليهن ـ فإن أم سلمة وسودة وعائشة وحفصة وميمونة وسائر زوجاته (ص) كلهن أمهات المؤمنين، ولكن المؤرخين لا سيما أعلامكم فتحوا لعائشة صفحات خاصة، تروي مداخلتها في الفتن، ومشاركتها مع الرجال في أمور لا تعنيها، بل مخالفة لشأنها ومقامها كزوجة للنبي (ص). وهذا مقصودنا من تسويدها تاريخها، وليتها كانت تسلك مسلك قريناتها، أعني زوجات رسول الله (ص) وتحافظ على حرمة النبي(ص) كما حفظنها.
الشيخ عبد السلام: أظن أن سبب عدائكم وبغضكم لأم المؤمنين عائشة، هو خروجها على الإمام علي كرم الله وجهه، وإلا فإن سلوكها مع رسول الله (ص) كان أحسن سلوك، وليس لأحد انتقاد في ذلك، وكان رسول الله يكرمها كثيرا ونحن نكرمها لإكرام النبي لها.
قلت: سبب بغضنا لعائشة ليس لخروجها على الإمام علي (ع) فحسب بل لسوء سلوكها مع النبي (ص)، وإيذائها له أيضا، وتمردها عليه (ص) وعدم إطاعتها له في حياته!!
الشيخ عبد السلام: هذا بهتان عظيم! فإن كلنا نعلم بأنها كانت أحب زوجات النبي (ص) إليه، فكيف كانت تؤذي رسول الله (ص) وهي تقرأ في القرآن الحكيم: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الآْخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً)(4)؟
قلت: أيها الشيخ لقد تكرر منكم سوء التعبير ورميتموني بالافتراء والبهتان والكذب، ولكن سرعان ما انكشف الأمر وثبت بأني غير كاذب ولا مفتر، بل أنا ناقل الأخبار من كتب علمائكم ومسانيد أعلامكم، وقلت لكم: بأن الشيعة لا يحتاجون إلى وضع الأخبار وجعل الأحاديث في إثبات عقائدهم وحقانية أئمتهم وفضائلهم ومناقبهم، فإن كتاب الله سبحانه ينطق بذلك والتاريخ يشهد لهم.
أما قولك بأنها كيف كانت تؤذي النبي وهي تقرأ الآية الكريمة: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ...) الخ.
فأقول: نعم كانت تقرأ الآية وكان أبوها أيضا يقرأها وكثير من كبار الصحابة قرؤوا هذه الآية الكريمة وعرفوا معناها ولكن.. كما نقلت لكم الأخبار المروية في كتبكم وصحاحكم في الليلة الماضية وانكشف حقائق كثيرة للحاضرين ولكم إن كنتم منصفين غير معاندين!!
إيذاء عائشة للنبي (ص) في حياته
أما أخبار إيذاء عائشة لرسول الله (ص) في حياته فلم تذكر في كتب الشيعة وحدهم، بل ذكرها بعض أعلامكم أيضا منهم: أبو حامد محمد الغزالي في كتابه إحياء العلوم:ج2/ الباب الثالث كتاب آداب النكاح / 135، والمتقي الهندي في كنز العمال ج7/116، وأخرجه الطبراني في الأوسط والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد من حديث عائشة قالوا: و جرى بينه (ص) و بين عائشة كلام حتى أدخل النبي (ص) أبا بكر حكما بينهما، و استشهده، فقال لها رسول الله (ص) تكلمين أو أتكلم؟ فقالت: بل تكلم أنت و لا تقل إلا حقا!
فلطمها أبو بكر حتى دمي فوها وقال: يا عدوة نفسها! أو غير الحق يقول؟ فاستجارت برسول الله (ص) وقعدت خلف ظهره، فقال له النبي (ص): لن ندعك لهذا ولم نرد هذا منك.
قال أبو حامد الغزالي في نفس الصفحة: وقالت له مرة في كلام غضبت عنده: أنت الذي تزعم أنك رسول الله؟! ـ قال وذلك حين صباها ـ فتبسم رسول الله (ص) واحتمل ذلك حلما وكرما.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده وأبو الشيخ في كتاب الأمثال، من حديثهما معنعنا.
قال الغزالي: وقال (ص) لها: إني لأعرف رضاك من غضبك.
قالت: وكيف تعرفه يا رسول الله؟ قال (ص): إذا رضيت قلت: لا وإله محمد، وإذا غضبت قلت: لا وإله إبراهيم.
قالت: صدقت... إنما أهجر إسمك!(5).
وتحدثها بهذه العبارات والتعابير التالية مع النبي (ص):
بل تكلم أنت و لا تقل إلا حقا!
أنت الذي تزعم أنك رسول الله!!
إنما أهجر إسمك!
بالله عليكم! أنصفوا..! أما كان رسول الله يتأذى من هذه التعابير القارصة والكلمات اللاذعة حين يسمعها من زوجته؟!
والمفروض أن تتصاغر الزوجة لزوجها وأن تحترمه وتخضع له ولا تتجاسر عليه بكلام يؤذيه، وكذلك المفروض على المؤمنين والمؤمنات أن يكرموا النبي (ص) ويحترموه احتراما كبيرا ويعظموه كثيرا، حتى أنه لا يجوز لأحد أن يرفع صوته فوق صوت النبي (ص) أو يدعوه باسمه من غير تشريف واحترام كما يدعو بعضهم بعضا، لقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)(6).
وقال سبحانه: (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً)(7).
فالمفروض على زوجات النبي (ص) ـ عائشة وقريناتها ـ أن يكرمن النبي ويحترمنه ويخضعن له (ص) أكثر من غيرهن، ولكن مع الأسف الشديد نرى في سلوكها تمردا على رسول الله كما وصفها المؤرخون وحتى من أعلامكم مثل أبو حامد الغزالي، والطبري، والمسعودي وابن الأعثم الكوفي وغيرهم، قالوا: إنها تمردت عن أمر الله ورسوله (ص)! فهل هذا التمرد يدل على طيبها أم خبثها؟! وهل حياة المتمردين على الله ورسوله تكون ناصعة أم سوداء مظلمة؟!
وإني أستغرب كلام الشيخ عبد السلام وقوله: بأن سبب بغضنا لعائشة، خروجها على الإمام علي كرم الله وجهه!
وكأنه يحسب هذا الأمر هينا! وهو عند الله عظيم عظيم.. لأنها شقت عصا المسلمين، وسببت سفك دماء كثير من المؤمنين والصالحين، فرملت نساء، وأيتمت أطفالا!! وهي بخروجها على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وإثارة فتنة البصرة، وأمرها للناس، وتحريضهم لمقاتلة الإمام علي (ع)، فمهدت الطريق وفتحت باب الحرب والقتال لمعاوية وحزبه الظالمين وكذلك للخوارج الملحدين الفاسقين!!
فأي ذنب أعظم من هذا يا شيخ! وهي بخروجها من بيتها إلى البصرة خالفت نص كلام الله الحكيم إذ قال سبحانه:
(وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الأُْولى)(8).
نعم جميع زوجات رسول الله غير عائشة امتثلن أمر الله تعالى وأطعنه وحفظن حرمة رسول الله (ص) بعد وفاته وما خرجن من بيوتهن إلا للضرورة، وقد روى الأعمش كما ورد في صحاحكم ومسانيدكم: قالوا لأم المؤمنين سودة زوجة رسول الله (ص) لم لا تخرجين إلى الحج والعمرة؟ فثوابهما عظيم؟
قالت: لقد أديت الحج الواجب وأما بعد ذلك فواجبي أن أجلس في بيتي ، لقوله تعالى:
(وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ...) فامتثالا لأمره عز وجل، لا أخرج من بيتي بل أحب أن أقر في الدار التي خصها لي رسول الله (ص) ولا أخرج إلا لضرورة، حتى يدركني الموت ـ وهكذا كانت حتى التحقت بالنبي الكريم (ص) ـ.
فنحن لا نفرق بين زوجات رسول الله (ص)، فكلهن أمهات المؤمنين، فمن هذه الجهة كلهن عندنا على حد سواء.
وأما في المنزلة والمقام فشأنهن شأن المؤمنات الأخريات فيكتسبن المقام والجاه عند الله سبحانه بالأعمال الصالحة وبالتقوى، فمن عملت منهن الصالحات واتقت فنحبها، ومن لم تتق وما عملت صالحا فلا نحبها، ومن خالفت وعصت ربها فنبغضها.
امتياز نساء النبي (ص) على سائر النساء
الشيخ عبد السلام: كيف تقول بأن شأن زوجات رسول الله (ص) شأن المؤمنات الأخريات!! فإن هذا البيان خلاف كلام الله العزيز إذ يقول: (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساء) أي: أن مقام نساء النبي أعلا وأرفع من سائر النساء.
قلت: كل زوجات رسول الله (ص) لهن الفخر والفضل على نساء المؤمنين لشرف انتسابهن إلى رسول الله (ص) وهو شرف اكتسابي وانتسابي لا ذاتي، فيجب عليهن أن يحفظن حرمة هذا الانتساب الرفيع، والمقام المرموق والممتاز على سائر النسوة بتقوى الله سبحانه، كما صرح بذلك عز وجل في كتابه قائلا: (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ)(9).
ولا يخفى عليكم أيها العلماء معنى إن الشرطية، فمقام نساء النبي (ص) وامتيازهن على سائر النساء مشروط بالتقوى. فمن تورعت، وتدرعت بتقوى الله تعالى، وامتثلت أوامره، مثل سودة وأم سلمة فيلزم علينا تكريمها وتعظيمها واحترامها، ومن لم تتورع ولم تلتزم بتقوى الله سبحانه وما امتثلت أوامره، فلا احترام لها عندنا مثل عائشة.
خروج عائشة على أمير المؤمنين عليه السلام
لقد أجمع المؤرخون أن عائشة قادت جيشا لقتال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وقال بعض: إن طلحة والزبير أغرياها، وقال آخرون: إنها كانت مستعدة لذلك من غير إغراء، لبغضها وعداءها للإمام علي (ع).
فاجتمع حولها كل من في قلبه مرض، وكل من كان حاقدا على أبي الحسن أمير المؤمنين سلام الله عليه، وخرجت إلى البصرة، فألقوا القبض على عثمان بن حنيف الأنصاري، صحابي رسول الله (ص) وكان عاملا عليها من قبل الإمام علي، فنتفوا لحيته الكريمة، وشعر رأسه، وحاجبيه، وضربوه بالسياط حتى أدمي، ثم أخرجوه من البصرة بحالة يرثى لها، وقتلوا أكثر من مائة نسمة من أهاليها من غير أن يصدر منهم ذنب أو أي عمل يبيح لعائشة وجيشها سفك تلك الدماء البريئة، ولو أحببتم الاطلاع على تفصيل تلك الأعمال البشعة فراجعوا تاريخ ابن الأثير، والمسعودي، وتاريخ الطبري، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد(10).
ولما جابهت عائشة جيش أمير المؤمنين (ع)، ركبت الجمل وحرضت الناس الغافلين، وألبت الجاهلين والمنافقين لقتال إمام زمانها، رغم مواعظه (ع) ومواعظ ابن عباس وكبار الصحابة لها ولجيشها.
فأما الزبير امتنع من المقاتلة، وترك المعركة إذ عرف الحق مع علي (ع)، ولكن عائشة أصرت على غيها واستكبرت عن قبول الحق(11) حتى قتل عشرات المئات من المسلمين بسببها ثم انكسرت واندحرت، فردها (ع) إلى بيتها مكرمة!
فضائل الإمام علي عليه السلام ومناقبه
روى أحمد في مسنده وابن أبي الحديد في شرح النهج والفخر الرازي في تفسيره الكبير والخطيب الخوارزمي في المناقب والشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة، والعلامة محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كفاية الطالب / باب 62، والمير سيد علي الهمداني الفقيه الشافعي في كتابه مودة القربى / المودة الخامسة، روى بعضهم عن عمر بن الخطاب وبعضهم عن عبد الله بن عباس أن النبي (ص) قال: لو أن البحر مداد و الرياض أقلام و الإنس كتاب و الجن حساب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب(12).
وأخرج ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 9/ 168 /ط دار إحياء التراث العربي: عن أبي نعيم الحافظ في حلية الأولياء عن أبي برزة الأسلمي، ثم رواه بإسناد آخر بلفظ آخر عن أنس بن مالك عن النبي (ص): أن رب العالمين عهد في علي إلي عهدا، أنه راية الهدى و منار الإيمان، و إمام أوليائي، و نور جميع من أطاعني. إن عليا أميني غدا في القيامة، و صاحب رايتي، بيد علي مفاتيح خزائن رحمة ربي(13).
وقد تكرر من النبي (ص) مرارا عديدة انه شبه عليا (ع) بالأنبياء ، وروى ألفاظه أكثر أعلامكم ومحدثيكم في كتبهم، منها من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه و إلى آدم في علمه و إلى إبراهيم في حلمه و إلى موسى في فطنته و إلى عيسى في زهده، فلينظر إلى علي بن أبي طالب، قال: رواه أحمد بن حنبل في المسند ورواه البيهقي في صحيحه.
وأخرج ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج9 صفحة 171/ عن النبي (ص): كنت أنا و علي نورا بين يدي الله عز و جل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق آدم قسم ذلك فيه، و جعله جزأين، فجزء أنا، و جزء علي.
قال: رواه أحمد في المسند وفي كتاب فضائل علي (ع)، وذكره صاحب كتاب الفردوس وزاد فيه: ثم انتقلنا حتى صرنا في عبد المطلب، فكان لي النبوة ولعلي الوصية.
وأخرج جمع من أعلامكم ومحدثيكم منهم أبو نعيم الحافظ في كتابه " حلية الأولياء " ونقل عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج9/ 173، قال رسول (ص): أخْصِمُك ـ أي أغلبك ـ يا علي بالنبوة! فلا نبوة بعدي، و تخصم الناس بسبع لا يجاحد فيها أحد من قريش: أنت أولهم إيمانا بالله، و أوفاهم بعهد الله، و أقومهم بأمر الله، و أقسمهم بالسوية، و أعدلهم في الرعية، و أبصرهم بالقضية، و أعظمهم عند الله مزية.
وذكر ابن الصباغ في الفصول المهمة / 124 / نقلا عن عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في كتاب معالم العترة النبوية، روى عن فاطمة الزهراء (ع) أنها قالت: خرج علينا أبي رسول الله (ص) عشية عرفة فقال: إن الله تبارك و تعالى باهى بكم الملائكة عامة، و غفر لكم عامة، و لعلي خاصة، و إني رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي، إن السعيد كل السعيد من أحب عليا في حياته و بعد موته، و إن الشقي من أبغض عليا في حياته و بعد مماته(14).
وخبر آخر رواه جمع من أعلام محدثيكم في مسانيدهم وصحاحهم، عن رسول الله (ص) أنه قال لعلي (ع): كذب من أنه يحبني وهو مبغضك، يا علي! من أحبك فقد أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله وأدخله النار(15).
هذه الأحاديث الشريفة وعشرات بل مئات من مثلها مسجلة وثابتة في مسانيد علمائكم وأعلام محدثيكم وقد زينوا بها تصانيفهم وكتبهم، وحتى المتعصبين منهم لم يروا بدا من ذكرها وإخراجها، أمثال القوشجي وابن حجر المكي وروزبهان وغيرهم.
ورغم المحاولات الشيطانية التي حاولها أعداء الإمام علي (ع)، والأساليب العدوانية التي استعملها معاوية وحزبه المنحرفون الظالمون لإخفاء مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وفضائله، والمنع من نشرها وروايتها. مع كل ذلك .. فقد انتشرت في الأقطار وتناقلتها علماء الأمصار حتى ملئت منها الكتب والأسفار، ولكي تطلعوا على بعض تلك الأخبار، فراجعوا الصحاح الستة، وخصائص مولانا علي بن أبي طالب للنسائي، وينابيع المودة للقندوزي، ومودة القربى للهمداني، والمعجم للطبراني، ومطالب السؤول لمحمد بن طلحة القرشي العدوي، ومسند الإمام احمد ومناقبه ، ومناقب الخطيب الخوارزمي، ومناقب مولانا علي بن أبي طالب للعلامة صدر الحفاظ الكنجي الشافعي، وفرائد السمطين لشيخ الإسلام الحمويني، والرياض النضرة، وذخائر العقبى لمحب الدين الطبري، والإتحاف بحب الأشراف للشبراوي، والمستدرك للحاكم النيسابوري، وتاريخ بن عساكر / قسم ترجمة الإمام علي (ع)، وعشرات الكتب غير ما ذكرنا، وكلها من أعلامكم ومشاهير محدثيكم(16).
علي عليه السلام خير البرية والبشر ومن أبى فقد كفر
وفي كتاب كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) الباب الثاني والستون / 118 ـ 199 / ط الغري سنة 1356 هجرية للعلامة إمام الحرمين ومفتي العراقيين محدث الشام وصدر الحفاظ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي المتوفى سنة 658 هجرية، أخرج بسنده المعنعن المتصل بجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أنه قال كنا عند النبي (ص) فأقبل علي بن أبي طالب (ع) فقال النبي (ص): قد أتاكم أخي ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال والذي نفسي بيده... إن هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة ثم إنه أولكم إيمانا و أوفاكم بعهد الله و أقومكم بأمر الله و أعدلكم في الرعية و أقسمكم بالسوية و أعظمكم عند الله مزية.
قال: ونزلت (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة)(17).
قال: وكان أصحاب محمد (ص) إذا أقبل علي (ع) قالوا: قد أتاكم خير البرية.
ثم قال العلامة الكنجي: هكذا رواه محدث الشام في كتابه ـ تاريخ ابن عساكر ـ بطرق شتى، وذكرها محدث العراق ومؤرخها ـ وأظنه الخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد ـ رواها عن زر عن عبد الله عن علي قال: قال: رسول الله (ص): من لم يقل علي خير الناس فقد كفر.
وفي رواية له عن حذيفة قال: سمعت النبي (ص) يقول: علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر، هكذا رواه الحافظ الدمشقي في كتاب التاريخ عن الخطيب الحافظ، وزاد في رواية له عن جابر قال: قال رسول الله (ص): علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر، وفي رواية لعائشة عن عطا قال: سألت عائشة عن علي. فقالت: ذاك خير البشر لا يشك فيه إلا كافر.
قال العلامة الكنجي: هكذا ذكره الحافظ ابن عساكر في ترجمة علي (ع) في تاريخه في المجلد الخمسين، لأن كتابه مائة فذكر منها ثلاث مجلدات في مناقبه(18) (ع). " انتهى كلامه ".
حب علي إيمان وبغضه كفر ونفاق
وذكر ابن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة نقلا عن كتاب " الآل " لابن خالويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) قال لعلي: حبك إيمان و بغضك نفاق و أول من يدخل الجنة محبك و أول من يدخل النار مبغضك.
وروى العلامة الهمداني في كتابه مودة القربى / المودة الثالثة، وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين، عن رسول الله (ص) قال: لا يحب عليا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر. وفي رواية أخرى خاطب عليا (ع) فقال: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق(19).
وروى محمد بن طلحة في مطالب السؤول، وابن الصباغ المالكي في الفصول عن الترمذي والنسائي عن ابي سعيد الخدري انه قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) إلا ببغضهم عليا.
الشيخ عبد السلام: هكذا أحاديث نبوية صدرت أيضا في حق الشيخين أبي بكر وعمر، وما كانت خاصة بسيدنا علي كرم الله وجهه!!
قلت: لو كان يحضر في بالك شيء من تلك الأحاديث، فبينها حتى ينكشف واقع الأمر للحاضرين.
الشيخ عبد السلام: روى عبد الرحمن بن مالك بسنده عن جابر عن النبي (ص) قال: لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن ولا يحبهما منافق!!
قلت: لقد أثار بيانك تعجبي! وكأنك نسيت قرارنا في المجلس الأول على أن لا نستدل في احتجاجنا بالأحاديث غير المعتبرة لدى الخصم، بل يجب أن تأتي بالشاهد وتستدل علي بالأحاديث المقبولة عندنا، وهذا الحديث مردود وغير معتبر عندنا.
الشيخ عبد السلام: أظن بأنكم عزمتم أن لا تقبلوا منا حتى رواية واحدة في فصل الشيخين!
قلت: لقد بينت قبل هذا: أننا أبناء الدليل حيثما مال نميل، وأما ظنك فباطل ولا يغني من الحق شيئا، لأني ما قبلت روايتك لا لكونها في فضل الشيخين، بل لأن الراوي متهم بالجعل والكذب حتى عند علمائكم كالخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد وغيره من الأعلام المشتهرين في علم الرواية والدراية قالوا فيه ذلك عند ترجمته، وهذا العلامة الذهبي المعتمد عليه في هذا الفن، فقد قال في ترجمة عبد الرحمن بن مالك في ميزان الاعتدال ج10/236 / قال: هو كذاب أفاك وضاع لا يشك فيه أحد.
فانصفوا.. بعد ما سمعتم هذا التصريح في رواية الحديث، هل يطمئن قلبكم وتسمح نفسكم أن تقبلوا رواياته؟! ثم فكروا.. أين حديث هذا الكذاب الأفاك الوضاع.. من حديث جابر وسلمان وأبي سعيد وابن عباس، وأبي ذر الصادق المصدق، فقد روى جماعة من الأعلام منهم: العلامة السيوطي في الجامع الكبير: ج6/390، والمحب الطبري في الرياض النضرة ج2/215، وفي جامع الترمذي ج2/299، وابن عبد البر في الاستيعاب ج3/46، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ج6/295،والعلامة محمد بن طلحة في مطالب السؤول /17، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة صفحة 126، كلهم رووا عن أبي ذر الغفاري رحمه الله تعالى بعبارات مختلفة والمعنى واحد قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) إلا بثلاث: بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلاة، وبغضهم علي بن أبي طالب (ع).
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج4/83 / ط دار إحياء التراث العربي / نقل عن الشيخ أبي القاسم البلخي أنه قال: وقد اتفقت الأخبار الصحيحة التي لا ريب فيها عند المحدثين، على أن النبي (ص) قال: لا يبغضك إلا منافق و لا يحبك إلا مؤمن، و روى حبة العرني عن علي (ع) أنه قال: إن الله عز و جل أخذ ميثاق كل مؤمن على حبي و ميثاق كل منافق على بغضي فلو ضربت وجه المؤمن بالسيف ما أبغضني و لو صببت الدنيا على المنافق ما أحبني.
و روى عبد الكريم بن هلال عن أسلم المكي عن أبي الطفيل قال: سمعت عليا (ع) و هو يقول: لو ضربت خياشيم المؤمن بالسيف ما أبغضني و لو نثرت على المنافق ذهبا و فضة ما أحبني إن الله أخذ ميثاق المؤمنين بحبي و ميثاق المنافقين ببغضي فلا يبغضني مؤمن و لا يحبني منافق أبدا.
قال الشيخ أبو القاسم البلخي: و قد روى كثير من أرباب الحديث عن جماعة من الصحابة قالوا: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله ص إلا ببغض علي بن أبي طالب... والأخبار من هذا القبيل كثيرة جدا في كتبكم واكتفينا بما نقلناه رعاية للاختصار.