جملة من مصادر العامة للحديث

1ـ محمد بن جرير الطبري، المفسر والمؤرخ في القرن الثالث المتوفى عام 310 هـ في تهذيب الآثار.

2ـ الحاكم النيسابوري المتوفى عام 405 هـ في المستدرك: ج3 /126 و128 و226.

3ـ أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي المتوفى عام 289 هـ في صحيحه.

4ـ جلال الدين السيوطي المتوفى عام 911 هـ في جمع الجوامع، والجامع الصغير ج1/37.

5ـ سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى عام 360 هـ في الكبير والأوسط.

6ـ الحافظ أبو محمد السمرقندي المتوفى عام 491 هـ في بحر الأسانيد.

7ـ أبو نعيم الحافظ المتوفى عام 430 هـ في معرفة الصحابة.

8ـ الحافظ ابن عبد البر القرطبي المتوفى عام 463 هـ في الاستيعاب: ج2/461.

9ـ الحافظ الفقيه ابن المغازلي المتوفى عام 483 هـ في كتابه المناقب.

10ـ الحافظ الديلمي المتوفى عام 509 هـ في فردوس الأخبار.

11ـ الموفق بن أحمد الخطيب الخوارزمي المتوفى عام 568 هـ في المناقب ص 49 وفي مقتل الحسين (ع): ج1/43.

12ـ العلامة ابن عساكر الدمشقي المتوفى عاخه الكبير.

م 571 هـ في تاريخه الكبير.

13ـ العلامة أبو الحجاج الأندلسي المتوفى عام 605 في " ألف باء " ج1/222.

14ـ العلامة ابن الأثير الجزري المتوفى عام 630 هـ في أسد الغابة: ج4/22.

15ـ العلامة محب الدين الطبري المتوفى عام 694 هـ في الرياض النضرة ج1/129، وفي ذخائر العقبى /77.

16ـ العلامة شمس الدين الذهبي المتوفى عام 748 هـ في تذكرة الحفاظ: ج4/ 28.

17ـ بدر الدين الزركشي المتوفى عام 749 هـ في فيض القدير: ج3/47.

18ـ الحافظ الهيثمي المتوفى 807 هـ في مجمع الزوائد: ج9/114.

19ـ العلامة الدميري المتوفى عام 808 هـ في حياة الحيوان: ج1/55.

20ـ شمس الدين محمد بن محمد الجزري المتوفى 833 هـ في أسنى المطالب / ص14.

21ـ ابن حجر العسقلاني المتوفى عام 852 هـ في تهذيب التهذيب: ج7/337.

22ـ بدر الدين العيني الحنفي المتوفى عام 855 هـ في عمدة القاري : ج7/631.

23ـ المتقي الهندي المتوفى عام 975 هـ في كنز العمال: ج6/156.

24ـ عبد الرؤوف المناوي المتوفى عام 1031 هـ في فيض القدير: ج3/46.

25ـ الحافظ العزيزي المتوفى عام 1070 هـ في السراج المنير: ج2/63.

26ـ محمد بن يوسف الشامي المتوفى 942هـ في سبل الهدى والرشاد في أسماء خير العباد.

27ـ العلامة الفيروزآبادي المتوفى عام 817 هـ في نقد الصحيح.

28ـ أحمد بن حنبل المتوفى عام 241 هـ في المسند وفي المناقب.

29ـ محمد بن طلحة الشافعي المتوفى عام 652 هـ في مطالب السؤول.

30ـ شيخ الإسلام ابراهين بن محمد الحمويني المتوفى عام 722هـ في فرائد السمطين.

31ـ شهاب الدين الولت آبادي المتوفى عام 849 هـفي هداية السعداء.

32ـ العلامة السمهودي المتوفى عام 911 هـ في جواهر العقدين.

33ـ القاضي فضل بن روزبهان في إبطال الباطل.

34ـ نور الدين بن الصباغ المالكي المتوفى عام 855هـ في الفصول المهمة.

35ـ ابن حجر المكي المتوفى عام 974 هـ في الصواعق المحرقة.

36ـ جمال الدين الشيرازي المتوفى عام 1000 هـ في الأربعين.

37ـ علي القاري الهروي المتوفى في 1014 هـ في المرقاة في شرح المشكاة.

38ـ محمد بن علي الصبان المتوفى عام 1205 هـ في إسعاف الراغبين / 165.

39ـ القاضي الشوكاني المتوفى عام 1250 هـ في الفوائد المجموعة.

40ـ شهاب الدين الآلوسي المتوفى عام 1270 هـ في تفسير روح المعاني.

41ـ محمد الغزالي في إحياء العلوم.

42ـ العلامة الهمداني الشافعي في مودة القربى.

43ـ أحمد بن محمد العاصمي في زين الفتى في شرح سورة هل أتى.

44ـ شمس الدين محمد السخاوي المتوفى عام 902 هـ في المقاصد الحسنة.

45ـ العلامة القندوزي المتوفى عام 1293 هـ في الينابيع / باب 14.

46 ـ سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص الأمة.

47ـ صدر الدين الفوزي الهروي في نزهة الأرواح.

48ـ كمال الدين المبيدي في شرح الديوان.

49ـ الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي المتوفى عام 463 هـ في تاريخ بغداد: ج2/377 و ج7/173.

50ـ محمد بن يوسف الكنجي المتوفى عام 658 هـ في كفاية الطالب / الباب الثامن والخمسون، بعد نقله للروايات قال: فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين وأهل بيته علي (ع) وزيادة علمه وغزارته وحدة فهمه وفور حكمته وحسن قضاياه وصحة فتواه، وقد كان أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الأحكام ويأخذون بقوله في النقض والإبرام اعترافا منهم بعلمه ووفور فضله ورجاحة عقله وصحة حكمه، وليس هذا الحديث: " أنا مدينة العلم و عليّ بابها " في حقه بكثير ، لأن رتبته عند الله وعند رسوله (ص) وعند المؤمنين من عباده أجل وأعلى من ذلك.

ولا يخفى أن العلامة أحمد بن محمد بن صديق المغربي القاطن في مصر، ألف كتابا في تصحيح وتأييد هذا الحديث الشريف وأسماه بفتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي وقد طبع سنة 1354 هـ في مطبعة الإعلامية بمصر.

وهناك المزيد، ونكتفي بذلك، حتى نسمع منكم بقية الشبهات والأسئلة.

السيد عديل أختر(54): ما أحسن الأحاديث النبوية وخاصة إذا كانت في فضل سيدنا علي كرم الله وجهه، فإني رأيت كثيرا في كتبنا أن رسول الله (ص) قال: ذكر علي عبادة، ولقد رأيت في كتاب مودة القربى للعالم الفاضل والزاهد الكامل العلامة مير سيد علي الهمداني الشافعي قال في المودة الثانية / روى بسنده إلى أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: ما من قوم اجتمعوا يذكرون فضائل محمد وآل محمد إلا هبطت ملائكة من السماء حتى يذكرون فضائل محمد وآل محمد إلا هبطت ملائكة من السماء حتى لحقت بهم تحدثهم فإذا تفرقوا عرجت الملائكة وقالت الملائكة الآخرون لهم إنا نشم رائحة منكم ما شممنا رائحة أطيب منها: فتقول لهم: كنا مع قوم كانوا يذكرون فضائل آل محمد (ص). فيقولون اهبطوا بنا إليهم! فيقولون إنهم قد تفرقوا، فيقولون: إهبطوا بنا إلى المكان الذي كانوا فيه!

فالرجاء أن تزيدونا من الأحاديث الشريفة التي نطق بها النبي (ص) في فضائل ومناقب سيدنا علي، ولا سيما في علمه.

حديث: أنا دار الحكمة وعلي بابها

قلت: من الأحاديث التي نطق بها رسول الله (ص) في بيان علم الإمام علي وحكمته هو الحديث المشهور في كتب الفريقين أن النبي (ص) قال: أنا دار الحكمة و علي بابها، فمن أراد الحكمة فليأت الباب. رواه جمع كثير من علمائكم وأعلام محدثيكم منهم: أحمد في المناقب والمسند، والحاكم في المستدرك، والمتقي في كنز العمال: ج 6 / 401، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء: ج1 / 64، ومحمد بن صبان في إسعاف الراغبين، وابن المغازلي في المناقب، والعلامة السيوطي في الجامع الصغير وجمع الجوامع واللئالي المصنوعة، والترمذي في صحيحه: ج2 / 214، ومحمد بن طلحة العدوي في مطالب السئول، والشيخ العلامة القندوزي في ينابيع المودة، وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمة، وابن حجر المكي في الصواعق المحرقة، ضمن الفصل الثاني من الباب التاسع، والمحب الطبري في الرياض النضرة وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة، وابن أبي الحديد في شرح النهج، وآخرون من علمائكم الكبار، بالإضافة إلى جمهور علماء الشيعة.

ولقد رواه محمد بن يوسف العلامة الكنجي في كتابه كفاية الطالب وخصص له الباب الواحد والعشرون وبعد نقله الحديث قال: هذا حديث حسن عال، وقد فسرت الحكمة بالسنة لقوله عز وجل: (وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ )(55)، الآية، يدل على صحة هذا التأويل، وقد قال رسول الله (ص) إن الله تعالى أنزل علي الكتاب ومثله معه، أراد بالكتاب القرآن، ومثله معه ما علمه الله تعالى من الحكمة وبين له من الأمر والنهي والحلال والحرام، فالحكمة هي السنة فلهذا قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها.

ولقد روى ابن عساكر في تاريخه مع ذكر السند، والخطيب الخوارزمي في المناقب، وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين، والديلمي في فردوس الأخبار والكنجي الشافعي في كفاية الطالب الباب الثامن والخمسون، والعلامة القندوزي في ينابيع المودة / الباب الرابع عشر، وابن المغازلي الشافعي في المناقب حديث رقم 120 وغيرهم من كبار علمائكم رووا عن ابن عباس وجابر بن عبدالله الأنصاري أن النبي (ص) أخذ بيد علي (ع) فقال: هذا أمير البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره، مخذول من خذله، ثم مد بها صوته. فقال: أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب.

وروى صاحب المناقب الفاخرة عن ابن عباس أن النبي (ص) قال: أنا مدينة العلم و عليّ بابها، و من أراد علم الدين فليأت الباب. ثم قال لعلي (ع): أنا مدينة العلم وأنت الباب، كذب من يزعم أنه يصل المدينة، إلا من الباب.

وأخرج الحديث ابن أبي الحديد في مواضع عديدة من شرح نهج البلاغة ، وشيخ الإسلام الحمويني عن ابن عباس، وأخرجه الموفق الخوارزمي في المناقب عن عمرو بن العاص، وأخرجه محب الدين الطبري في ذخائر العقبي، وأحمد في المسند والعلامة علي بن شهاب الهمداني في مودة القربى، وحتى ابن حجر ـ مع كثرة تعصبه ـ في الصواعق المحرقة ضمن الفصل الثاني من الباب التاسع / الحديث التاسع من الأربعين حديث في فضائل الإمام علي أخرجه عن البزار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله، وأخرجه عن ابن عدي عن عبد الله ابن عمر وعن الحاكم والترمذي عن علي (ع) كلهم رووا عن رسول الله (ص) قال: أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. فالحديث مشهور ومنشور في كتب كبار علمائكم، وهو بحكم العقل والعقلاء دليل على إمامة الإمام علي وخلافته وأنه مقدم على غيره، لأن العلماء في كل أمة وملة مقدمون على الجاهلين وخاصة تأكيد النبي (ص) في الحديث، بأن من أراد العلم فليأت الباب، أو كذب من زعم أنه يصل إلى المدينة إلا من الباب، وإضافة على كل هذا قول الله سبحانه: (وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(56).

ومن الواضح أن الألف واللام في كلمة العلم تفيد الجنس أي كل علم كان عند رسول الله (ص) من علم الدين والدنيا وعلم الظاهر والباطن وأسرار الكون والخلقة لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق الإمام علي (ع).

بالله عليكم أنصفوا! هل كان للناس بعد النبي أن يغلقوا هذا الباب الذي فتحه رسول الله (ص) لأمته كي يتوصلوا منه إلى الحقائق الدينية والدقائق العلمية التي أودعها الله سبحانه نبيه المصطفى ورسوله المرتضى الذي هو أجلى مصاديق الآية الشريفة: (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ)(57).

فلقد ارتضاه الله سبحانه وأعطاه من غيبه أكثر مما أعطى لسائر الأنبياء والمرسلين؟

الشيخ عبدالسلام: نحن لا ننكر حديث رسول الله (ص): " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وإن ناقش بعض العلماء سند الرواية وضعفه، وبعض ادعى فيه التواتر وصححه، وبعض ناقش في مدلول الحديث، ولكن مع غض النظر عن كل المناقشات المطروحة حول الحديث، فلا يدل على أن سيدنا عليا كرم الله وجهه كان عنده علم الغيب والباطن.

علي (ع) عالم بظاهر القرآن وباطنه

قلت لا شك ولا ريب أن أساس علم النبي (ص) هو كتاب الله العزيز، وكما ورد في الأحاديث المروية عن طرقكم والمذكورة في مصادركم، أن الإمام أمير المؤمنين علي (ع) كان أعلم الناس ـ بعد النبي (ص) ـ بعلوم القرآن ظاهره وباطنه، ولقد روى أبو نعيم الحافظ في الحلية: ج1 / 65، والعلامة الكنجي الشافعي في كفاية الطالب / الباب الرابع والسبعون، والعلامة القندوزي في ينابيع المودة / الباب الرابع عشر نقلا من كتاب فصل الخطاب عن عبدالله بن مسعود قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا له ظهر و بطن، و إن علي بن أبي طالب عنده علم الظاهر و الباطن.

كما ويحصل من جملة من الروايات المشهورة عندكم والمنشورة في كتبكم، أن عليا (ع) كان علمه لدنيا لأنه كان المرتضى من بين الخلق بعد رسول الله (ص) ولقد ارتضاه الله واصفاه وجعله وليا.

ولقد روى أبو حامد الغزالي في كتابه في بيان العلم اللدني عن علي (ع) أنه قال: ولقد وضع رسول الله (ص) لسانه في فمي وزقني من لعابه، ففتح لي ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب.

وروى العلامة القندوزي في ينابيع المودة / الباب الرابع عشر في غزارة علمه، عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (ع) يقول: إن رسول الله (ص) علمني ألف باب و كل باب منها يفتح ألف باب، حتى علمت ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة، وعلمت علم المنايا و البلايا و فصل الخطاب.

وروى في الباب عن ابن المغازلي بسنده عن علي (ع) قال: قال رسول الله (ص): يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها، كذب من زعم أنه يدخل المدينة بغير الباب قال الله عز وجل: (وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ) وقال علي: علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم فانفتح من كل واحد منها ألف باب.

وروى القندوزي أيضا في الباب الرابع عشر، عن ابن المغازلي بسنده عن أبي الصباح عن ابن عباس (رض) قال: قال رسول الله (ص): لما صرت بين يدي ربي كلمني وناجاني فما علمت شيئا إلا علمته عليا فهو باب علمي.

وكذلك نقل في الباب من الموفق بن أحمد الخوارزمي أيضا عن أبي الصباح عن ابن عباس عن النبي (ص) قال: أتاني جبرئيل بدرنوك من الجنة فجلست عليه، فلما صرت بين يدي ربي كلمني و ناجاني فما علمت شيئا إلا علمته عليا فهو باب علمي، ثم دعاه إليه فقال: يا علي! سلمك سلمي و حربك حربي و أنت العلم فيما بيني و بين أمتي.

وأما الخبر المروي عن علي (ع): علمني رسول الله ألف باب من العلم... فمروي في كثير من مصادركم وأخرجه كبار أعلامكم مثل: أحمد في المسند وفي المناقب، ومحمد بن طلحة العدوي في مطالب السئول، والموفق الخوارزمي في المناقب وأبي حامد الغزالي، وجلال الدين السيوطي والثعلبي والمير سيد علي بن شهاب الهمداني بألفاظ مختلفة ومن طرق شتى نقلوه في كتبهم. ولقد روى الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء والمولى علي المتقي في كنز العمال: ج6 / 392 وأبو يعلى وغيرهم، بإسنادهم إلى عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله ص قال في مرض موته: ادعوا إلي أخي، فجاء أبو بكر فأعرض عنه. ثم قال ادعوا إلي أخي. فجاء عثمان، فأعرض عنه، ثم دعي له علي فستره بثوبه و أكب عليه فلما خرج من عنده قيل له: ما قال لك؟ قال: علمني ألف باب يفتح كل باب ألف باب.

وأخرج الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء: ج1 / 65، ومحمد الجزري في أسنى المطالب / ص 14، والعلامة الكنجي في كفاية الطالب / الباب الثامن والأربعون، رواه بإسنادهم عن أحمد بن عمران ابن سلمة عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: كنت عند النبي (ص) فسئل عن علي (ع) فقال (ص): قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فأعطي علي تسعة أجزاء و أعطي الناس جزءا واحدا. ثم قال العلامة الكنجي: هذا حديث حسن عال تفرد به أحمد بن عمران بن سلمة وكان ثقة عدلا مرضيا.

وكذلك رواه جماعة من أعلامكم بالإسناد إلى علقمة عن عبد الله وفيه زيادة ونصه: قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فأعطي علي تسعة أجزاء و أعطي الناس جزءا واحدا وهو أعلم بالعشر الباقي، أخرجه الموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب والمتقي في الكنز: ج5 / 156 و 401 وابن المغازلي في الفضائل والقندوزي في الينابيع / الباب الرابع عشر بنفس الطريق عن ابن مسعود، وأخرجه محمد بن طلحة العدوي في مطالب السئول عن حلية الأولياء.

ونقل العلامة القندوزي في الينابيع / الباب الرابع عشر بنفس الطريق عن ابن مسعود، وأخرجه محمد بن طلحة العدوي في مطالب السئول عن حلية الأولياء.

ونقل العلامة القندوزي في الينابيع في الباب الرابع عشر عن محمد بن علي حكيم الترمذي في شرح الرسالة الموسومة بالفتح المبين عن ابن عباس قال: العلم عشرة أجزاء، لعلي تسعة أجزاء و للناس عشر الباقي وهو أعلمهم به.

وأخرج القندوزي في الباب، والمتقي في كنز العمال: ج6 / 153 والموفق الخوارزمي في المناقب / 49، وفي مقتل الحسين ج 1 / 43، والديلمي في فردوس الأخبار، أن النبي (ص) قال: أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب.

علي تلميذ رسول الله (ص)

نستنتج من الروايات السابقة أن علم النبي (ص) وما تلقاه من الوحي قد علم به الإمام علي (ع).

ونحن الشيعة لا نقول بأن الإمام علي والأئمة الأحد عشر من ولده سلام الله عليهم أجمعين، كانوا مثل رسول الله (ص) في تلقي العلوم من الله عز وجل عن طريق مستقيم أبو بواسطة الوحي. بل نعتقد بأن رسول الله (ص) الذي ارتضاه الله جل وعلا وأعطاه من العلوم ما لم يعطه لأحد من العالمين وأطلعه على الغيب أكثر مما اطلع عليه جميع الأنبياء والمرسلين، اتخذ عليا أخا له ووارثا لعلومه وموضعا لأسراره إذ وجده أهلا لذلك، فما بقي عند رسول الله (ص) شيء من ودائع النبوة وعلوم الوحي والرسالة من الظاهر والباطن والغيب والشهود إلا وأودعه في علي بن أبي طالب. وعلمه إياه(58).

وعلي (ع) أودع تلك العلوم في بنيه الأئمة الأحد عشر، توارثوها بإرادة الله تعالى واحدا تلو الآخر، واليوم ودائع النبوة وأعلام الرسالة وعلوم الوحي كلها مودعة عند الإمام المهدي المنتظر، الحجة الثاني عشر وآخر أئمة أهل البيت (ع).

ولقد روى القندوزي في الينابيع في الباب الرابع عشر، أن عليا (ع) كان يقول: سلوني عن أسرار الغيوب فإني وارث علوم الأنبياء والمرسلين. ونقل عنه قبل هذا في نفس الباب، قال: سلوني قبل أن تفقدوني فلأنا بطرق السماء أعلم مني بطرق الأرض … الخ.

ونقل القندوزي في الباب أيضا قال: وفي مسند أحمد بسنده عن ابن عباس:... وقال علي على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن كتاب الله، وما من آية إلا و أنا أعلم حيث أنزلت، بحضيض جبل أو سهل أرض، سلوني عن الفتن، فما من فتنة إلا و قد علمت من كسبها و من يقتل فيها. قال أحمد روى عنه نحو هذا كثيرا.

وكذلك نقل القندوزي في الباب من الموفق بن أحمد الخوارزمي وعن الحمويني بسنديهما عن أبي سعيد البحتري قال: رأيت عليا جلس على المنبر فكشف عن بطنه وقال: سلوني قبل أن تفقدوني، فإنما بين الجوانح مني علم جم، هذا سفط العلم ، هذا لعاب رسول الله (ص)، هذا ما زقني رسول الله (ص) زقا زقا.

ونقل القندوزي في الباب عن مسند الإمام أحمد ومناقب موفق بن أحمد الخوارزمي بسنديهما عن سعيد بن المسيب قال: لم يكن أحد من الصحابة يقول: سلوني إلا علي بن أبي طالب. ورواه عنه ابن حجر في الصواعق أيضا.

ولا يخفى أن معتقدنا نحن الشيعة أن كل ما كان عند الإمام علي سلام الله عليه من أنواع العلوم فإنه اكتسبها وتعلمها من سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد (ص). ولقد أملى عليه النبي (ص) من علومه الباطنية وأسراره الغيبية بكل ما يحدث في العالم ويقع في المستقبل، وكتب علي (ع) كل ذلك بالرموز والحروف المقطعة وقد اشتهر بين العلماء بعلم الجفر الجامع، هذا العلم مما خُص به علي (ع) وأبنائه الأئمة المعصومون سلام الله عليهم أجمعين.

كما ذكر ذلك الغزالي في بعض تصانيفه وقال: إن عند علي بن أبي طالب كتاب يسمى بالجفر الجامع لشئون الدنيا والآخرة وهو يشتمل على كل العلوم والحقائق ويحوي على دقائق الأسرار وخواص الأشياء وآثار الحروف والأسماء وتأثيرات العوالم العلوية والسفلية وكل ما في الأرض والسماء و لا يطلع على ذلك الكتاب أحد غير علي بن أبي طالب وأولاده الأحد عشر وهم الذين حازوا درجة الولاية وتوصلوا إلى مقام الإمامة، وقد وصلهم الكتاب وعلومه بالوراثة.

ولقد أشار وصرح باختصاص هذا العلم وذلك الكتاب بالإمام علي وأبنائه المعصومين، العلامة القندوزي في كتابه ينابيع المودة / الباب الثامن والستون / وفيه قد نقل في الموضوع شرحا مبسوطا من كتاب الدر المنظم للشيخ كمال الدين محمد بن طلحة الحلبي الشافعي.

وكذلك ذكر صاحب شرح المواقف وهو من علماء العامة قال: إن الجفر والجامعة كتابان لعلي بن أبي طالب قد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف، الحوادث إلى انقراض العالم، وأولاده يحكمون فيهما على طريقة علم الحروف، الحوادث إلى انقراض العالم، وأولاده يحكمون بهما.

النواب: ما هو منشأ هذا الكتاب المسمى بالجفر الجامع؟ وكيف وصل ليد سيدنا علي كرم الله وجهه؟

قلت: في العام العاشر الهجري، بعدما رجع النبي (ص) من حجة الوداع هبط جبرائيل وأخبره (ص) باقتراب أجله ودنو منيته، فدعا النبي (ص) ربه ورفع يديه، وقال: اللهم وعدك الذي وعدتني، إنك لا تخلف الميعاد.

فطلب من الله عز وجل وفاء الوعد المعهود بينهما.

فأوحى الله تعالى إليه (ص): أن خذ عليا معك واذهبا إلى جبل أحد فإذا صعدتما الجبل فاجلس مستدبرا القبلة وناد الوحوش وحيوانات الصحراء، فتجتمع الحيوانات أمامك وتجد بينها معزا وحشيا أحمر اللون قصير القرن، فأمر عليا فليأخذه ويذبحه ويسلخ جلده من طرف رقبته، ثم يدبغه، ولما فعل رسول الله (ص) ما أمره ربه، نزل جبرئيل ومعه دواة وقلم أعطاهما للنبي (ص) ليعطيهما للإمام علي (ع) حتى يكتب ما يقوله جبرئيل وكان النبي (ص) يملي ما يسمعه على الإمام علي (ع) فيكتبه على ذلك الجلد المدبوغ، وهذا الجلد لا يندرس ولا يبيد وهو الآن موجود عند الإمام المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ويوجد في ذلك الجلد كل ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وهذا الجلد هو الكتاب الذي عبر عنه الغزالي بالجفر الجامع وقال فيه علوم المنايا والبلايا والقضايا وفصل الخطاب.

النواب: كيف يسع جلد ماعز ليحتوي على كل ما يحدث إلى يوم القيامة، ويحتوي على العلوم التي أشرتم إليها وذكرها الغزالي؟

قلت: لقد ذكرنا أنها مذكورة بطريقة الرمز والحروف وأن مفتاح تلك الرموز ومعاني تلك الحروف هو علم خاص بالنبي (ص) وعلمه عليا (ع) ثم ورثه أولاده الأئمة الأحد عشر، ولا يقدر على حل رموزه وفهم علومه غيرهم، وقد جاء في الخبر أن عليا (ع) فتح ذلك الجلد مرة أمام ولده محمد بن الحنفية فما فهم شيئا منه.

وأما الأئمة المعصومون (ع) فكانوا في أكثر الأحيان يستخرجون من ذلك الكتاب القضايا والحوادث التي كانوا يخبرون بها قبل وقوعها.

الإمام الرضا عليه السلام يخبر عن موته من الجفر والجامعة

ولقد روى كثير من علمائكم أن المأمون لما عرض ولاية العهد على الإمام الرضا وأخذ له البيعة وكتب كتابا له بذلك بخطه وأعطاه الإمام (ع) ليوقع أدناه ويختمه بإمضائه وختمه الشريف، فكتب هذه العبارات خلف الكتاب كما في شرح المواقف: أقول و أنا علي بن موسى بن جعفر: إن أمير المؤمنين عضده الله بالسداد، و وفقه للرشاد عرف من حقنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت، و آمن أنفسا فزعت، بل أحياها و قد تلفت، و أغناها إذ افتقرت، مبتغيا رضا رب العالمين، وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ، و لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ، و أنه جعل إلي عهده و الإمرة الكبرى إن بقيت بعده... إلى أن كتب في آخره: ولكن الجفر والجامعة يدلان على ضد ذلك (وَ ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَ لا بِكُمْ)(59) (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَ هُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ)(60) وهكذا رواه العلامة سعد بن مسعود بن عمر التفتازاني في كتاب شرح مقاصد الطالبيين في علم أصول الدين(61).

الصحيفة السماوية

ولقد ورد في روايات أهل البيت (ع) خبر صحيفة نزلت على النبي (ص) قبيل وفاته فأعطاها لعلي بن أبي طالب (ع) وفيها علوم كثيرة مما يجري في العالم ولا سيما ما يجري عليهم وما يجب عليهم من مقابلة الأحداث والوقايع، ولقد أوصاهم الله سبحانه فيها بوصايا مهمة، ولذلك نقل هذا الخبر تحت عنوان (الوصية) المؤرخ الجليل والحبر النبيل الشهير بالمسعودي المتوفى عام 346 من الهجرة النبوية، قال في كتابه إثبات الوصية: فلما قرب أمره (ص)، أنزل الله جل وعلا إليه من السماء كتابا مسجلا نزل به جبرئيل (ع) مع أمناء الملائكة فقال جبرئيل : يا رسول الله! مر من عندك بالخروج من مجلسك إلا وصيك ليقبض منا كتاب الوصية و يشهدنا عليه.

فأمر النبي (ص) من كان عنده في البيت بالخروج ما خلا أمير المؤمنين (ع) و فاطمة والحسن والحسين (ع).

فقال جبرئيل: يا رسول الله إن الله يقرئك السلام و يقول لك: هذا كتاب بما كنت عهدت و شرطت عليك و أشهدت عليك ملائكتي و كفى بي شهيدا.

فارتعدت مفاصل النبي (ص) فقال: هو السلام و منه السلام و إليه يعود السلام، صدق الله، هات الكتاب. فدفعه إليه، فدفعه من يده إلى علي (ع) وأمره بقراءته وقال: هذا عهد ربي إلي و أمانته، و قد بلغت و أديت.

فقال أمير المؤمنين (ع): و أنا أشهد لك بأبي أنت و أمي بالتبليغ و النصيحة و الصدق على ما قلت، و يشهد لك به سمعي و بصري و لحمي و دمي. فقال له رسول الله (ص): أخذت وصيتي و قبلتها مني و ضمنت لله تبارك وتعالى و لي الوفاء بها؟ قال: نعم علي ضمانها و على الله عز وجل عوني.

و كان فيما شرطه على أمير المؤمنين(ع): الموالاة لأولياء الله والمعاداة لأعداء الله والبراءة منهم، و الصبر على الظلم و كظم الغيظ وأخذ حقك منك وذهاب خمسك و انتهاك حرمتك، و على أن تخضب لحيتك من رأسك بدم عبيط.

فقال أمير المؤمنين (ع): قبلت و رضيت و إن انتهكت الحرمة و عطلت السنن و مزق الكتاب و هدمت الكعبة و خضبت لحيتي من [دم] رأسي صابرا محتسبا. فأشهد رسول الله (ص) جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين على أمير المؤمنين (ع). ثم دعا رسول الله (ص) فاطمة و الحسن و الحسين فأعلمهم من الأمر مثل ما أعلمه أمير المؤمنين (ع) وشرح لهم ما شرح له. فقالوا مثل قوله. وختمت الوصية بخواتيم من ذهب لم تصبه النار و دفعت إلى أمير المؤمنين (ع).

وفي الوصية سنن الله جل وعلا وسنن رسول الله (ص) وخلاف من يخالف ويغير ويبدل، وشيء من شيء من جميع الأمور والحوادث بعده (ص)، وهو قول الله عز وجل في سورة يس، الآية 12: (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) انتهى.

فأوصياء النبي (ص) وخلفائه يمثلونه في أخلاقه وصفاته وهم ورثوا علومه وفضائله، ولقد أعلن (ص) وعرف عليا (ع) باب علمه لأمته وأمر من أراد العلم بإتيانه (ع). ومما يؤكد بأن عليا (ع) وارث علوم النبوة وأنه عيبة علوم رسول الله (ص)، قوله (ع) سلوني قبل أن تفقدوني. ولا يمكن لأحد أن يعلن بهذا الكلام إلا إذا كان محيطا بجميع العلوم، وهذا الأمر لا يتسنى إلا لمن كان متصلا بمنبع العلوم وبالعالم الأعلى، ويحظى بالعلم اللدني الذي يتلقاه من الله تعالى. ولقد اتفق العلماء والمحدثون على أنه، انفرد علي (ع) من بين الخلق بهذا الإعلان، وما قاله أحد سواه(62).

قال الحافظ ابن عبد البر الأندلسي في كتابه الاستيعاب في معرفة الأصحاب: أن كلمة سلوني قبل أن تفقدوني ما قالها أحد غير علي بن أبي طالب إلا كان كاذبا.

ولقد روى العلامة أبو العباس أحمد بن خلكان في كتابه وفيات الأعيان والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: ج13/163، بأن مقاتل بن سليمان ـ وكان من أعلام العلماء عندكم وكان سريعا جدا في جواب المسائل ـ أعلن يوما على المنبر وبين حشد من الناس فقال: سلوني عما دون العرش!

فقام شخص وسأله: من حلق رأس آدم (ع) في الحج؟ فحاد عن الجواب ، فسأله آخر: كيف تهضم النملة أكلها؟ ألها معدة ومصران؟ فنكس مقاتل بن سليمان رأسه خجلا، ولم يجبه! ثم قال: إن الله فضحني بهذه الأسئلة التي ألقاها على ألسنتكم، لأني أعجبت بكثرة علمي فجاوزت حدي.

مصادر قوله: سلوني قبل أن تفقدوني

نعم ذكر العلماء قضايا من هذا القبيل عن الذين ادعوا هذا الأمر ولكن أخزاهم الله على رؤوس الأشهاد.

وكما بين كثير من كبار علمائكم: أنه ما ادعى أحد من الصحابة غير علي بن أبي طالب هذا المدعى.

روى أحمد في المسند، وموفق بن احمد الخوارزمي في المناقب، والخواجة كلان الحنفي كما في الينابيع، والعلامة البغوي في المعجم ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة: ج2 /198، وابن حجر في الصواعق تحت عنوان: 76 الفصل الثالث في ثناء الصحابة والسلف عليه. كلهم رووا عن سعيد بن المسيب قال: لم يكن من الصحابة يقول: سلوني، إلا علي بن أبي طالب.

والجدير أنه (ع) أعلن ذلك مرارا وتكرار لا مرة واحدة، فلقد روى العلامة ابن كثير في تفسيره: ج4 وابن عبد البر في الاستيعاب والقندوزي في ينابيع المودة، مؤيد الدين الخوارزمي في النماقب، واحمد في المسند، والحمويني في الفرائد، وابن طلحة الحلبي في الدر المنظوم والعلامة الهمداني في مودة القربى، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء، ومحمد بن طلحة العدوي في مطالب السؤول، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، وغيرهم من محققيكم ومحدثيكم، رووا عن طرق شتى وبألفاظ عديدة عن عامر بن وائلة وعبد الله بن عباس وأبي سعيد البحتري وأنس بن مالك وعبد الله بن مسعود وغيرهم: بأنهم سمعوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) على المنبر يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، فإن بين جوانحي لعلما جما، سلوني فإن عندي علم الأولين والآخرين.

وفي سنن أبي داود ص356، ومسند أحمد ج1 /278، وصحيح البخاري: ج1/46 وج 10 /241، رووا بأسانيدهم: أن عليا (ع) قال: سلوني عما شئتم، ولا تسألوني عن شيء إلا أنبأكم به.

ونقل العلامة القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودة في الباب الرابع عشر، عن موفق بن أحمد الخوارزمي وشيخ الإسلام الحمويني بإسنادهما عن أبي سعيد البحتري قال: رأيت عليا رضي الله عنه على منبر الكوفة وعليه مدرعة رسول الله (ص) وهو متقلد بسيفه ومتعمم بعمامته (ص) فجلس على المنبر فكشف عن بطنه وقال: سلوني قبل أن تفقدوني فإنما بين الجوانح مني علم جم هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله (ص) هذا ما زقني رسول الله زقا زقا، فوالله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم و أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الله التوراة والإنجيل فيقولان صدق علي قد أفتاكم بما أنزل الله في و أنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون.

وكذلك أخرج شيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين، ومؤيد الدين الخوارزمي في المناقب، بأن عليا (ع) قال فوق المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا تسئلوني عن آية من كتاب الله إلا حدثتكم عنها مات نزلت بليل أو نهار، في مقام أو مسير في سهل أم في جبل، وفي من نزلت في مؤمن أو منافق وما عنى الله بها، أم عام أم خاص.

فقام ابن الكوا ـ وهو من الخوارج ـ فقال:

أخبرني عن قول الله عز و جل: (الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ)(63) فقال أمير المؤمنين (ع): أولئك نحن و أتباعنا في يوم القيامة، غرا محجلين رواء مرويين يعرفون بسيماهم.

و روى أحمد في المسند، والعلامة القندوزي في الينابيع في الباب الرابع عشر، عن ابن عباس، أن عليا (ع) قال على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني سلوني عن كتاب الله وما من آية إلا و أنا أعلم حيث أنزلت بحضيض جبل أو سهل أرض، و سلوني عن الفتن فما من فتنة إلا و قد علمت من كسبها و من يقتل فيها.

وأخرج ابن سعد في الطبقات والعلامة الكنجي في كفاية الطالب الباب الثاني والخمسون، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء: ج1/ 68 بإسنادهم عن علي بن أبي طالب (ع) أنه قال: و الله ما نزلت آية إلا و قد علمت فيمن نزلت و أين نزلت وعلى من نزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا و لسانا طلقا. وفي نفس الكتب أيضا: سلوني عن كتاب الله فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل.

وكذلك روى الموفق الخوارزمي في المناقب عن الأعمش عن عباية بن ربعي أنه قال: كان علي (رض) كثيرا ما يقول: سلوني قبل أن تفقدوني! فو الله ما من أرض مخصبة و لا مجدبة و لا فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا و أنا أعلم قائدها و سائقها و ناعقها إلى يوم القيامة.

وروى جلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء: ص124 وبدر الدين الحنفي في عمدة القارئ ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة: ج2/198، والسيوطي أيضا في تفسير الإتقان: ج2/319، وابن حجر العسقلاني في فتح الباري: ج8 /485، وفي تهذيب التهذيب: ج7/ 338 رووا أن عليا (ع) قال: سلوني! والله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا و أنا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار أفي سهل أم في جبل.

أما تدل هذه الكلمات والعبارات على اطلاع قائلها على المغيبات وعلمه بالمستقبل وما سوف يحدث في العالم. ولقد أثبت ذلك فيما أخبر عن حال بعض الأشخاص، وإليك نماذج من ذلك:

الإمام علي عليه السلام يخبر عن قاتل ولده الحسين عليه السلام

روى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة روايات كثيرة تحكي عن إخبار علي (ع) عن الأمور الغيبية فقال في الجزء الثاني: 286، ط دار إحياء الكتب العربية: روى ابن هلال الثقفي في كتاب " الغارات " عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل عن محمد بن علي قال: لما قال علي (ع): سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن فئة تضل مائة و تهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقها و سائقها، فقام إليه رجل فقال: أخبرني بما في رأسي و لحيتي من طاقة شعر، فقال له (ع): و الله لقد حدثني خليلي رسول الله (ص) أن على كل طاقة شعر من رأسك ملكا يلعنك وأن على كل طاقة شعر من لحيتك شيطانا يغويك و إن في بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله (ص) و كان ابنه ـ قاتل الحسين (ع) ـ يومئذ طفلا يحبو وهو سنان بن أنس النخعي.





>